“السراج في النهار” (1 من 2)

هناك مثل شعبي ظريف ومعبر يقول: “شور من لا يستشار مثل السراج في النهار”!، والمعنى واضح.
ظروف التطور في مجتمع نام ومتطلع يرى مَن حوله وهم يسابقون الريح، تحتم على الكاتب والكتاب أن يقدموا استشارات مجانية… نحو مستقبل أفضل، لكنها “مثل السراج في النهار”، ولو تطلعت إلى ما يخطه أصحاب الرأي تجده في الغالب الأعم شكلاً من أشكال تقديم المشورة، أو “التعقيب” على قضية أو قضايا ما زالت “مكانك سر”، فيشعر بعضهم أنهم يكررون أنفسهم، وفي رواية هم “يكركرون” أنفسهم! كأنهم يعيدون دغدغة أنفسهم على ذكرى طرفة قديمة! مع شيء من الحسرة. هنا يضطر الكاتب إلى معالجة قضايا وتكرارها لأنها تهم السواد الأعظم، على رغم أن “الودّ ودّه” أن يكتب “دائماً” وليس “أحياناً” ما يريد هو.
ما الدافع لهذا الموضوع؟ قبل الدافع هو بيان أن أكثر الأفكار التي يقدمها الكتاب في المطبوعات هدفها المصلحة العامة، وهي استشارات مجانية تقدم إلى جهات حكومية غالباً، فكأنهم أعين لها وعقول مفكرة مسخرة لمصلحتها، لكن كونها مجانية ولطريقة تقديمها “الشفافة الكشافة” فهي لا تجد آذاناً صاغية في غالب الأحيان، بل قد تجد مكابرة من البعض، وهم بعض، هدانا الله وإياهم، يقدمون الشكل على المضمون، وتعجبهم “المدائحية والتبريرية” في مقابل “المصداقية”، حتى ولو كانوا يرددون المثل الشهير: “صديقك من صدقك لا من صدّقك”.
أعود إلى الدافع لهذا المقال، سببه الأول خبر نشرته جريدة “الحياة” قالت فيه إن هيئة سوق المال قامت بدعوة مجموعة من محرري الصفحات الاقتصادية في الصحف والمطبوعات أو فتحت أبوابها لهم، كما قالت “الصحيفة”، في اجتماع وصف “بالتشاوري”. ومن ما نشر أن الهيئة تريد توضيح أنها “عود من عرض حزمة” من المنظومة المالية الاقتصادية الحكومية، وقد أسعدني فتح الأبواب، قلت “في نفسي” إنها محاولة لفتح صفحة جديدة مع الإعلام بعد فترة من صمت كئيب في أحلك الظروف احمراراً، ولأني من مجموعة “السراج في النهار” القابضة على الجمر، وهي مجموعة تحاول إضاءة “السرج” في الليل والنهار مرات بأصابعها ومرات بألسنتها، وتطرح يومياً للنشر وليس للاكتتاب، قلت لا بد أن أشمر عن أصابعي، وأكتب لهم ملاحظات وتساؤلات، لعل وعسى، فكلنا نفرح لفتح الأبواب والصفحات الجديدة، و”لعل وعسى” أن فكراً جديداً جاء مستفيداً من دروس “عبارة الأسهم السعودية” التي غرق فيها الكثير ولم يعلن شيء عن التحقيق في حدثها الكبير، قلت هذا في نفسي خصوصاً أن الموقع أدناه أكثر الكتابة عن الهيئة وأعمالها حتى قبل أن يكتمل إنشاؤها. قلت هذا في نفسي و “النفس أمارة بالسوء”، فقبل كتابة المقال أصدرت الهيئة قرارات “يوم الأحد” فأشارت مضامينها إلى أنها هي… هي لم تتغير!؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.