“السراج في النهار” (2 من 2)

كنت أعتقد بأننا على أبواب صفحة جديدة مع سوق الأسهم والجهة المشرفة عليها، لكن السوق تلقت “صفعة” طازجة يوم الاثنين، ولأن هذا اليوم هو يوم الخميس ومن دون تداول أسهم وملاحقة للمؤشر من هيئة سوق المال أجدها فرصة لإكمال ما بدأته أمس، ولعل هناك من يقرأ؟ “أطزج” إجراءات “الهيئة” هو إعلانها يوم الأحد عن إيقافات لبعض المتداولين وعدم السماح لهم بالشراء! والتحقيق في القضية!
حسناً… إذا كان المراد من الإيقاف هو العقوبة فقد عاقبت “الهيئة” السوق وجميع المتداولين، خصوصاً من يمتلك في الشركات المحددة، بخاصة أنها أوقفتهم عن الشراء ولم توقفهم عن البيع، كما جاء في نص البيان، إذاً، هي لم تعاقبهم على أرض السوق، والاحتمال الكبير أنهم باعوا مع أصدقائهم بعد إبلاغهم والوعد بعد ألف نقطة! “نشتري نحن وإياكم أو تشترون لنا ولكم بأسعار أقل”، هذا احتمال قائم وهو الأقرب للصحة، فهل هذا الإجراء يستقيم مع منطق أو عقل، ثم إن “الهيئة” لا تزال تصر على معاقبة الشركات بذكر أسمائها وإغفال أسماء المضاربين، وهو منطق أعوج، فإذا قالت “الهيئة” إن نظامها لا يسمح لها بالتشهير… فكيف سمحت لنفسها بالتشهير بالشركات؟ والضرر هنا أكبر وأفدح على النسبة الأكبر من المتداولين أو من تقول “الهيئة” أنها تسعى لحمايتهم! كنت أريد أن أكتب مقالاً بنقاط بسيطة عبارة عن ملاحظات هادئة، لكن “الهيئة” بالاستمرار في تلك القرارات تكاد تسبب – إن لم تكن سببت – خروقات كبيرة في الثقة وهي أهم عناصر السوق.
وإذا كان النظام لا يسمح لـ “الهيئة” بالتشهير فهو في الحقيقة لم يمنعها، الإمكان وارد، خصوصاً بعد أن يصدر حكم من لجنة  الفصل في منازعات الأوراق المالية، وإذا كان الأمر يخضع للعبارة الشهيرة” أنت وش يدرّيك”، أو “أقولك ولا تعلّم”، يمكن لـ “الهيئة” أن تعلن عن إيقاف مضاربين ولا تذكر لا أسماء لهم وللشركات، وتمنعهم من الشراء والبيع إلى حين انتهاء التحقيق، فإلى متى وهيئتنا الموقرة تعيد الأخطاء السابقة نفسها، أما إذا كانت “الهيئة” تريد كبح السوق، بنشر القرارات بتلك الصيغ، فإن التوقيت المناسب مهم للغاية، السوق لم يتعافَ من “تسونامي” الأحمر، والثقة لا تزال في طور البناء، ويتم وأدها بمثل هذه  القرارات، ثم كيف يتناغم ذلك، إذا صح الافتراض، مع كل القرارات التي سمحت لبعض الشركات بزيادة رؤوس أموالهم ومنح الأسهم، وهي التي قيل إن أسعارها مصابة بالتضخم! ونحن نفترض و “نقترض” الافتراضات ونتحدث عن احتمالات، لأن الشفافية منعدمة في سوق تطالب شركاتها بالشفافية! الحقيقة يا سادة أن هيئة سوق المال “المشرفة” على سوق الأسهم بحاجة ماسة إلى “هيئة” أعلى منها تراقب أعمالها، وإلى أن يصبح ذلك واقعاً سأقوم بدور “السراج في النهار” لـ “الهيئة” الموقرة ولو لمرة واحدة!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.