“هامور خيري”

لا تعتقد عزيزي القارئ أن العنوان اسم “لطبق خيري” تجمع التبرعات من خلاله للمحتاجين، فهو هنا عنوان لأصناف أخرى من “الهوامير” لم يساعدهم في أعمالهم، غير المشروعة، سوى “سوء الدبرة”، وهذه الأخيرة ليست حكراً على الأفراد، بل تجاوزت بعض الجهات الحكومية إلى جهات خيرية.
طرحت هنا في أكثر من مقال قضية إدارة أموال الجمعيات الخيرية في السعودية، وطالبت وزارة الشؤون الاجتماعية بأن تراجع موازنات هذه الجمعيات وتحرص على مستوى أعلى من الشفافية والتأكد من صرف الأموال لمستحقيها في الوقت المناسب، خصوصاً أموال الزكاة، وعدم تكديسها في أيدي مَن لا يجيد إدارتها، ولكن، لا حياة… مع اليأس!
وها هو “هامور” جديد في “رنية” يختفي بـ40 مليون ريال، منها ثلاثة أرباع المليون، لمَن؟ إنها لجمعيات خيرية، جمعية البر هناك دفعت له نصف مليون ريال “لاستثمارها!”، وجمعية تحفيظ القرآن دفعت له ربع مليون ريال! والبحث جار عن “الهامور” المختفي بعد أن “دسم شوارب” المستثمرين معه بوليمة دسمة وطمأن الضيوف بعزمه على بيع عقارات “بعد انهيار أسعار الأسهم” لإعادة أموالهم، وبعد أن نام المستثمرون متخمين اختفى مع عائلته.
في طروحاتي السابقة لقضية أرصدة الجمعيات الخيرية، وضرورة التأكد من حسن ضبطها وصرفها، لم أرصد أيّ تعليق أو تفاعل رسميّ، ولا من باب أنها “قيد الدراسة” وهو من القيود المسكنة في زمن الشفافية، أقول هذا عملاً بالمثل المصري الشهير “لاقيني ولا تغديني!”.
لكن، في موضوع آخر، انظر عزيزي القارئ إلى “القمز” وهو من درجات “القفز”، يصرح مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية إلى الصحافة بالآتي: “نفى مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة إحسان طيب أن يكون هناك توجه للشؤون الاجتماعية بشأن تنظيم عمل مشايخ الرقية أو التعاون معهم في الوقت الحاضر، موضحاً أن هذا من اختصاص الشؤون الإسلامية إلا أنه في حالة طلب الأخيرة من الشؤون الاجتماعية التنسيق معها في تنظيم عمل هذه الفئات ومنع المحتالين منهم فلن تتأخر عن المساعدة”.
أعلم مثلما تعلمون أن “الشؤون الإسلامية” لم تتفاعل مع ما يطرح عن موضوع تنظيم الرقية الشرعية على رغم أخطاره ومآسيه، “آخرها وفاة مواطن في الدوادمي نتيجة الصعق بالكهرباء من قبل معالج!”. أليس من الأولى في ضوء الواجبات المكلفة بها وزارة الشؤون الاجتماعية ترتيب مسؤولياتها ومنها الجمعيات التي تشرف عليها، إلى أن تصبح نموذجاً، ومن ثم تقديم عروض التنسيق إلى وزارات أخرى؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.