طرح المواطنين للاكتتاب

خذ هذا اللغز: ما الشيء الذي إذا “طرحت” ثلثه “تجمع” أكثر من ضعفيه؟
المطارحة تعني أيضاً المصارعة، فيقال: “لقد طرحته أرضاً”، والطرح هو أيضاً للأسهم فتطرح أي تنثر لمن يرغب في التقاطها، لكن العنوان يقول إن المواطنين هم المطروحون للاكتتاب! كيف؟ ومن طرحهم أرضاً غير عابئ بأموالهم وأنفسهم وعقولهم؟ لا بد من أن من فعل ذلك لم يفكر في المساءلة ولا المحاسبة إذ لم تكن المرة الأولى!
وأستغرب من بعض الأخوة المواطنين، خصوصاً صغار المستثمرين… المصابين بفقر في الوعي الاستثماري والذين تحولوا، للأسف إلى أوعية للإشاعات، أستغرب منهم كَيْل اللوم على أصحاب الشركات، التي سيتم الاكتتاب في أقل من ثلث رأسمالها!
من أسباب اللوم المعلن في المجالس والمنتديات ما أعلن عن “الموافقة الرسمية”! على علاوة الإصدار التي بلغت، في إحدى الحالات 78 ريالاً للسهم الواحد، إضافة إلى 10 ريالات قيمة اسمية للسهم لتصبح النتيجة 88 ريالاً، وبحسبة بسيطة استنتج الناس الآتي:
بما أن رأسمال الشركة 300 مليون ريال، فإنها ستحصل من الاكتتاب 30 في المئة فقط لا غير من رأسمالها على أكثر من ضعفي رأس المال هذا، وسيحتفظ الملاك بـ70 في المئة! الله يرزقنا وإياهم.
أعتقد بأنهم رجال أعمال أذكياء وعصاميون، ويحق لي أن أستغرب من لوم الناس لهم، فليست هي المرة الأولى التي يتم الطرح بهذا الشكل، نسي المواطنون المكتتبون أنهم هم المطروحون للاكتتاب أصلاً منذ قيام “الهيئة” الموقرة، وحالياً يتم الحراج عليهم، “حراج وحدة… حراج ثنتين، من يسوم”؟
فلا لوم على أصحاب هذه الشركات، رجل الأعمال الذكي هو من يحقق النجاح تلو النجاح، ولا علاقة له بالرسمي الذي وافق؟ 
ما الفرق بين الأمس واليوم؟ أقصد طرح هذا الاكتتاب مقارنة باكتتابات سابقة، الفرق أن الوعي بدأ يطفو على السطح والسوق في الحضيض، والمشكلة أن الذي كان يراهن على نقص هذا الوعي أُسْقِطَ في يده، كأن هناك من يقول: “يا ليتنا من وعيهم سالمين”! كانوا نائمين وأيقظتموهم بحسن التدبير.
حسناً، من الذي يلام؟ الملام هو المستأمن، من بيده الموافقة الرسمية على الطرح بهذه الصيغة وهذه الأسعار، الذي باع المواطنين ووافق على مثل هذه الأرقام وقيمها وصاح بأعلى الصوت عن مكررات الأرباح المرتفعة والتضخم في الأسعار، هذا من يستحق أن يلام ويساءل، فهو لم يسأل نفسه عن مكررات أرباح الشركات الجديدة!
وهي ليست المرة الأولى التي يُطرح فيها المواطن، وأتوقع أن تتبعها مرات أخرى، سنشاهد حلقات من مسلسل “مين باع السوق والمواطن؟”، وأعيد ما كتبته قبل سنوات، إذا سمعتم عن طرح اكتتاب فتأكدوا أنكم أنتم المطروحون، فانتبهوا لا يكون على “حصى”، أما من يتحجج بنقص الوعي فقولوا له: “قال نقص الوعي قال”!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.