شهادة صحية عالمية!

ليس أكثر إحراجاً من أن تمتدح جهة بما ليس فيها، ثم يظهر المسؤول الأول عن الجهة بعد أيام من المديح ليخبر الناس بأن أوضاعها مثلما قالوا أو تزيد! أما إذا كان من امتدح متخصصاً وممثلاً لجهة “عالمية” متخصصة فإن الحرج يكون بالغ الضخامة.
قبل أكثر من شهر أجرت جريدة “الحياة” حواراً مطولاً مع الدكتور عوض أبو زيد مختار ممثل منظمة الصحة “العالمية” في السعودية، لنقرأ سوياً بعض ما صرح به لجريدة “الحياة”:
(“ووصف الخدمات الصحية التي يتمتع بها المواطنون والمقيمون في السعودية بأنها “ممتازة جداً”.
وقال: “إن المعايير الدولية تؤكد عدم وجود قصور في عمل وزارة الصحة السعودية، وذكر أن في السعودية قاعدة رعاية صحية “يندر وجود مثيل لها، في أي دولة في العالم”.
* كيف إذن تفسرون الانتقادات التي تطول وزارة الصحة من وقت إلى آخر؟
* دائماً يكون الهجوم على الصحة سهلاً جداً، وأنه بقدر ما تقدم الدولة ووزارة الصحة من جهود فإن مطالبات المواطنين تتزايد، ما يقوم به وزير الصحة الدكتور حمد المانع ومسؤولو الوزارة هو عمل كبير جداً يفوق كل تصور.
* لكن الصحف تطالعنا بين الحين والآخر بشكاوى تتحدث عن قصور واضح في تقديم الخدمات الصحية؟
* ما يثار حول تقصير وزارة الصحة أمر عار من الصحة (!!)، لا يوجد تقصير بالإشارة إلى أن المعايير التي يحكم بها الإنسان العادي غير المعايير التي تتعامل بها منظمة الصحة العالمية).
بالتأكيد ممثل لمنظمة الصحة العالمية، لا بد أن نحترم وجهة نظره، “بس”، لو أخبرنا صاحب السعادة عن المعايير العالمية لمنظمة الصحة مقابل المعايير التي يحكم بها الإنسان العادي حتى نفهم.
لا تفسير لحملة التلميع هذه سوى أن صاحب السعادة لم يقرأ عن الخدمات الصحية سوى التقرير السنوي للوزارة، أما ما تكتبه الصحف من قصور كل يوم فهو من الصفحات الصفراء، هذا التلميع المثير للأسئلة من سيدفع ثمنه؟ أخيراً استيقظنا على علم بأن منظمة الصحة العالمية أعلم منا بصحتنا، مرة أخرى أعترف أنني إنسان عادي “غير مطور”، لذلك فالمعايير التي أستند إليها هي حصول “العاديين” من أمثالي على الخدمة الصحية عند الحاجة بكرامة ومن دون تسول أو سقوط في حفرة الديون؟
لماذا لم يتطرق صاحب السعادة ممثل منظمة الصحة العالمية لوباء حمى الضنك؟ فهل هو من المعايير العالمية؟
لماذا لم يلتفت لانقراض السرير وبحث المريض عن الحصير في أروقة المستشفيات، فهل ذلك من المعايير العالمية؟
لماذا لم يتطرق صاحب السعادة إلى فحش الأسعار في القطاع الخاص وتحول الطب إلى تجاري، ثلاث دقائق لدى استشاري بنصف راتب عامل لمدة شهر كامل.
أسئلة كثيرة توجه للمتخصص الدولي الذي قال إن “ما يثار عن تقصير وزارة الصحة عار عن الصحة”، غداً نكمل بعون الله تعالى.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.