حياة جديدة للسجناء

خرج المدين من السجن بالكفالة قبل ساعات من أمر خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – بإطلاق السجناء، وطلب السجين “سابقاً” إعادته إلى السجن لعله ينعم بالمكرمة الملكية، ولكن جهوده باءت بالفشل. هذا ملخص خبر لـ “الحياة” في تغطيتها المميزة للمبادرة الملكية، لا بد من أن صاحبنا يعض أصابع الندم على حظه، أقول له احمد الله تعالى أنك وجدت من يكفلك، فمن يجد في هذه الأيام كفيلاً؟
السجناء المستفيدون من أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعدون بالآلاف من المواطنين وغير المواطنين، وفي مختلف مناطق السعودية، ولعل جولة سريعة على التغطية الصحافية تعطي صورة واضحة، ولفت انتباهي أن الأمر الملكي الكريم اشترط شروطاً مهمة، لعل أبرزها كما جاء في نص البيان: “ممن عليهم ديون أو ديات وثبت عجزهم ولم يكن المدين مماطلاً أو متلاعباً بأموال الناس أو ترتبت عليه الأموال نتيجة جريمة ارتكبها”.
عدم المماطلة والتلاعب شرط جوهري، لا ننسى أننا في السنوات الأخيرة قرأنا وعايشنا كثيراً من الوقائع التي تلاعب فيها البعض وماطل بعض آخر في إعادة الحقوق لأصحابها، استنجد بعض هؤلاء بصكوك الإعسار وبلجان إطلاق السجناء، وبعض منهم قد يكون صاحب مال قام بوضع ماله في حسابات أقاربه، تهرباً من التسديد والعياذ بالله تعالى.
وأهمية ورود هذا الشرط في الأمر الملكي الكريم إيضاح للعموم بأن الدولة لا يمكن أن تقف مع مماطل أو متلاعب بأموال الناس وعلى اللجان المكلفة بالنظر في أسماء من تنطبق عليهم الشروط إعطاء هذا الاستثناء حقه، حتى لا نقوم بتخريج جيل من المماطلين المتخصصين بنهب أموال الناس بالباطل والبحث عمّن يسدد عنهم بدعوى الإعسار.
الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين، سدد الله خطاه، فهو لا يكل ولا يمل من إطلاق المبادرات الإنسانية لأبنائه المواطنين، والتهنئة لكل مستفيد من الأمر الملكي الكريم، والأمل أن يدفعهم ذلك إلى فتح صفحة جديدة، فإذا كانوا من ضحايا القروض وما شابهها، وهم كثر، فعليهم أن يفكروا مرات قبل إعادة الكَرّة، بالنسبة إلى الصغار لا يأتي، في العادة، من قروض البنوك “خصوصاً” خير ولو قليل، وليس هناك ما هو أسوأ على الإنسان من الاضطرار إلى الخضوع للدائنين عند الحاجة في أمور ضرورية فكيف بأمور أقل، ولا بد من الإشارة إلى أن بعض قضايا الديات تكاد تتحول إلى تجارة، وقد قامت بعض وسائل الإعلام لأهداف إنسانية ومن حيث لا تدري بتشجيع هذا، انتقلت الديات والتسول بها من المساجد إلى الصحف، وهو أمر يحتاج إلى دراسة متأنية وحضور وعظي قوي.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.