“البصمة”… للضعفاء

ليس هناك خطأ مطبعي… إنها “البصمة” وليست “البسمة”!
البصمة يا عزيزي هي أول هدية للفقراء المستفيدين من الضمان الاجتماعي، هذا ما أعلنت عنه وزارة الشؤون الاجتماعية حديثاً، والهدف هو منع التزوير والتطبيق بعد ثلاثة أشهر، يشارك فيه الوزارة مصرف الراجحي.
للعلم، فهي حتى الآن لم تعلن شيئاً يذكر عن استراتيجية الفقر أو صندوق الفقر ويظهر أنها أصبحت سرية.
وأعجبني في الأمر سرعة التطبيق: ثلاثة أشهر فقط بحسب تصريح وكيل الوزارة لجريدة “الجزيرة”. وأعجب من عدم استطاعتنا تطبيق البصمة على مزورين ومجرمين، ومنهم قتلة، يضاف إليهم مخالفو نظام الإقامة طوال هذه السنوات، في حين تستطيع وكالة وزارة الشؤون الاجتماعية تطبيقه خلال ثلاثة أشهر على فقرائنا، ولو نظرت إلى مبالغ الضمان الاجتماعي لوجدتها ضئيلة، ولو دققت في نسبة التزوير لاكتشفت أنها لا تقارن بالخسائر الكبيرة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تدفعها بلادنا كل عام لعدم تطبيق نظام صارم للبصمة على المخالفين. فإذا كانت وزارة الشؤون الاجتماعية اكتشفت أسلوباً جديداً وسريع التطبيق، فاني  اقترح عليها أن تقدمه هدية إلى الجهات المعنية المكلفة بملاحقة المخالفين من كل جنس ونوع.
ولنا تاريخ طويل مع البصمة و “التبصيم”. الأميون منا طالما استخدموا بصماتهم. لهذا تجد في مواقع الصرف كثيراً من الزخرفة السريالية على الجدران وأطراف المكاتب، اللهم إلا إذا كان أمين الصندوق والصرف قد وفّر “قطعة موكيت” ممزقة للتنظيف. ومعظم هؤلاء “البصّامين” من البسطاء والفقراء وكبار السن. وفي تقديري أن قليلاً منهم من يزوَّر، بل قد لا يعرف كيف. وإذا حدث فإن حالته تسمح لي بالقول “حلال عليهم”، بل إن بعضاً منهم يؤخذ إبهامه ويبصم. صحيح أن تطبيق البصمة حماية لحقوقهم الضئيلة وللمال العام، لكن الأمر يدعو إلى الدهشة في القدرة على سرعة التطبيق، وأتوقع أنهم سيطالبون بالعدل والمساواة مع المخالفين ممن ذكرتهم سابقاً. وفي تطبيق البصمة على المخالفين تهيئة مناخ للبسمة على مُحَيَّا الفقراء فهم ينافسونهم في كل مكان، حتى في التسول، وكذلك هي مدعاة للبهجة في نفوس غير الفقراء، لكن الواضح أن شريحة الفقراء هم، غالباً، محل التجارب. ولأن أصواتهم مبحوحة وألسنتهم قصيرة لا يصغي إليهم أحد. أولويتهم تقف هنا!
الضبط ومكافحة المزورين أمران في غاية الأهمية، سواء أكانوا فقراء أم أغنياء، مواطنين أو غير مواطنين. والمقال دافعه الدهشة، فالمنحوس يجد العظم في الكرش. وهي دهشة من قدرتنا على فقرائنا، وعدم قدرتنا على مَنْ يعيثون فساداً، فيٌبْعَدون ويعودون خلال أشهر. وقد يكون بعضهم قتلة أو مروَّجي مخدرات، فهل يهدي الضمان الاجتماعي نظام بصمته إلى “الجوازات” والأجهزة الأمنية الأخرى؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.