سقوط رقم من تسعة أصفار أمر سهل. هكذا بدت لي الصورة، وأنا أقرأ تغطية بعض الصحف لنتائج إغلاق اكتتاب شركة إعمار في السعودية، أو كما هو اسمها في الداخل “مدينة الملك عبدالله الاقتصادية”. صحيفة قالت إن عدد المكتتبين يفوق سبعة ملايين. صحيفة أخرى قالت إنه يفوق ثمانية ملايين. ثالثة قالت بل هو تسعة ملايين ومئتا ألف.
لم يأتِ هذا التساهل أو الغموض أو التخبط، إحصائياً، في عدد الملايين المكتتبين سوى من حقيقة قيمتهم في هذا الاكتتاب!
كيف؟ لنسأل بداية: هل يعرف 90 في المئة من المكتتبين في هذا المشروع تفاصيله؟ الجواب قطعاً بالنفي! هي فقط عدد من النشرات الإعلامية الصحافية، مزينة بالصور والمجسمات الملونة.
هل أتجاوز هذه النقطة التي لم يتلفت إليها أحد بإصرار على رغم كثرة الطرق؟ خصوصاً الجهات المعنية وعلى رأسها هيئة “جذب” الاستثمار الأجنبي، هذه الهيئة تجتهد في “جذب” المواطنين، للاستثمار أو بالأصح للاكتتاب في مشاريع لا يعلمون عنها المعلومات المطلوبة وفوجئوا بها، مثل سحابة لا يُعرف هل هي ممطرة أم ترابية، ويظهر لي من قراءة الواقع أن المفاجآت الاستثمارية ستزداد.
الرقم، سواء أكان تسعة أم سبعة ملايين، لا يهم أحداً عندما يأتي الحديث عن نسبة الطرح. ملاك النعجة الوحيدة، يُطْرَح لهم 30 في المئة، وعددهم بالملايين، تسعة أو سبعة اختر ما تشاء، و70 في المئة في الحفظ والصون للعشرات، إنهم أصحاب الـ 99 نعجة. لا أحد يريد نقاش هذا الأمر. يصمتون عنه صمتاً عجيباً، على رغم الحديث عن العدالة في توفير الفرص للمواطنين، مع هذا الواقع… هل يعتقد أحد بأن مثل هذا الحديث أقنع أحداً؟ الخطورة تأتي من الأثر السلبي في صدقية الجهات الحكومية المعنية، وهي – كما يُفْتَرَض – الحارس الأمين لحقوق الغالبية من المواطنين… فهل ستبقى هذه الصورة كذلك في عقلية المواطن؟
ومثلما عُمِلَ بها سابقاً وحاضراً، أتوقع أن العمل بها سيستمر، وسيُعمل على تكريس ذلك، ليصبح هو مناخ الاستثمار في الداخل. الملايين من المواطنين يُستخدَمون للتضخيم.
تضخيم الأرقام وأرصدة المؤسسين، وهم أيضاً يُستخدَمون إعلامياً لمزيد من الطرح، فيقال إن لديهم الكثير من السيولة. ألا ترى ازدحامهم…”إنت ما تشوف”؟! لكن لا أحد يشير إلى تكتل الأرصدة والاستئثار الذي يُطرَح في أسواقنا تحت غطاء أنه استثمار في مشاريع أحلام الوطن المعطاء.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط