حراج القبول

أخذ الرجل ابنه لتسجيله في جامعة الملك سعود، بعدما تأكد أنه استوفى الشروط، ومنها التسجيل المبدئي من طريق “الإنترنت”. لكن… أقول لكن “أبو طبيع ما يخلي طبعه”، فلا “الإنترنت” أوجدت طبعاً آخر، ولا اختناقات القبول المتراكمة منذ سنوات أجهزت على طابع الفوضى.
تجمهر الطلبة الراغبون في التسجيل حول رجل أمن الجامعة (السيكورتي). في عصر “الإنترنت” كان الرجل ينادي بصوت عالٍ يذكرك بالأصوات في محطات خط البلدة، “ما باقي إلا اللغة الفرنسية والعبرية والـ…”، وخلال دقائق تطير الفرنسية، يأتي الصوت عالياً، “الفرنسية… خلّصت باقي العبرية والـ…”. بتسجيل من هذا القبيل يمكنك أن تفهم حقيقة الإدارة في الجامعة العتيدة، وتسأل نفسك: هل نحن في جامعة الملك سعود؟ أم في “جامعة حراج بن قاسم”؟! والعجيب أن ثلة من القائمين على إدارة الجامعة هم من خريجي جامعات في الدول المتقدمة، كثيراً ما قال أو اشتكى بعض الذين تعلموا في الخارج أنهم أفنوا زهرة أعمارهم هناك من أجل الوطن! فماذا أحضروا لنا – يا ترى – من الدول المتقدمة؟ كأني أسمع صوتاً يقول: لقد أحضروا “محرجاً”!
الذين لم يستطيعوا أن ينقلوا تجربة خاضوها هناك، هل سيتمكنون من نقل العلم؟ العالم الله تعالى أنه ينطبق علينا المثل: “تيتي.. تيتي مثل ما رحتي جيتي”! قضايانا مثل مناخنا، تُكَرر نفسها مع مزيد من القسوة.
التصريحات الصادرة عن “التعليم العالي” و”العمل” التي تقول إن ابن السعودية المتزوجة من أجنبي يعامل معاملة السعوديين، أحيت الأمل في روح والدة سعودية متزوجة من أجنبي، ابنها حصل على مجموع ممتاز يؤهله للتسجيل في الطب أو الهندسة. قدّم الشاب أوراقه إلى كل من جامعتي “البترول” والملك سعود. ذلك الأمل في روح الوالدة – معززاً بالمعدل المطمئن، والرغبة في الاستقرار إلى جوار العائلة في مدينة الرياض، مطرزاً بالتصريحات الصحافية – جعل الشاب يضع كل خياراته في جامعة الملك سعود. أما نتيجة القبول فكانت المحاسبة! الوالدة تقول إن السبب هو كونه أجنبياً. والعلم الأكيد لدى جامعة الملك سعود، ربما لدى رجل الأمن (السكيورتي) فيها.
وللأخت الكريمة، أقول إنك صدقتِ تصريحات صحافية، وهو أمر تناقصت صدقيته لتصل إلى “جرف” أو “دحديرة”، هذا أولاً. أما ثانياً، فقد أوضحت الواقع الميداني للتسجيل في جامعة الملك سعود، من خلال ذلك المشهد المضحك والمعبر عن الواقع “الحراجي”… فهل بعد تلك المعاملة التي يجدها السعوديون ما زلتِ، أختي الكريمة، ترغبين في أن يعامل ابنك مثلهم؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.