يتذكر القراء في السعودية أخباراً متعددة عن إلقاء رجال الأمن القبض على “أوكار” تمرير المكالمات. بعض الصحف أطلقت عليها هذا الاسم “أوكار”، وهي مواقع تقوم فيها بعض العمالة – تقنياً – بسرقة المكالمات من شبكة الاتصالات ليبيعوها للآخرين بسعر رخيص.
لن أتوقف عند “أوكار”، بل عند “تمرير”. التمرير لم ينحصر في المكالمات هناك “تمريرات” كثيرة، نراها ونشاهدها ونقرأ عنها أخباراً صحافية، لكن من زاوية إيجابية في كثير منها! خذ أمثالاً على ذلك: تمرير الشركات، تمرير الاكتتابات، تمرير علاوات الإصدار، وغيرها مما لم يطفح بعد على السطح. وكنت أعتقد بأن أسباب هذه “التمريرات” سابقاً، هو حالة ضبابية نشأت بسبب ازدواجية في الصلاحيات، أو تداخلها بين هيئات ووزارات. كنت أعتقد بأنها ثغرة تشبه ثغرة الدفرسوار في حرب أكتوبر. وعلى رغم ان تداخل الصلاحيات حسم بعد تجاذب طال، إلا أن “التمرير” قائم “عيني عينك”. ويشعر المواطن بأنه واقع ضحية لكثير من “التمريرات”، بعضها يخطف عينه، وكثير منها يصيب جيبه في مقتل. إلا أن الإصابة المباشرة من استمرار أسلوب التمرير تتمثل في تضخم المرارة في فؤاد المواطن. لقد حقق هذا الأسلوب “فقعاً” لمرارة المواطن، فأصبح ينظر من حوله باحثاً من دون جدوى عمن يحميه من أسماك القرش في الصحراء.
إن استمرار أسلوب تمرير الشركات وعلاوات الإصدار ونسب الطرح الضئيلة يا سادة يكاد يخدش انتماء المواطن. وربما سيؤثر، إن لم يكن أثَّر في عدد غير قليل، على حقيقة مواطنته وفاعليتها. إن المواطن سيقول بملء الفم إذا كانوا أنانيين هكذا فلماذا لا أكون أنانياً! فكيف يا سادة، يا من تمتلكون ناصية القرار الاقتصادي، وتستطيعون إصلاح الخطأ الكبير المستمر، كيف تستطيعون علاج هذا الانتماء الناقص، إذا كانت القدوة من رجال الأعمال ومن يمرر لهم طلباتهم في الاكتتابات وعلاوة الإصدار هكذا؟ بالله عليكم كيف ستكون أحوال المقتدين؟
وهل يمكن لأحد أن يتحدث عن واجبات المواطنة والوطنية في مثل هذا الوضع.
هذه القضية طالت أكثر مما يجب. وهي قضية وثغرة أدى عدم اتخاذ قرار حاسم لعلاجها إلى أن يهتبلها كثر من القادرين القلة، وفي الطابور ينتظر منهم أكثر. وهي ثغرة ستضر، كل الضرر، بحقيقة المواطنة وفعاليتها المستقبلية التي ينتظر منها الكثير في البناء. وستكون المحفز لاستمرار تفشي الأنانية وفيضانها.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط