اضحك على البنوك (2من 2)

هناك ما هو أهم من صفارة آلة صرف نقود تلعلع وتزعج، وقد يكون صياحها مثل صياح بطل قصة “جاكم الذيب”، أو حتى مفاتيح آلة صرف نسيها الموظف معلقة، لأن وقت الإفطار اقترب. دعها تنتظر لصاً ذمته واسعة، وربما يبرر الفعلة لنفسه، بقول بعضهم: “إن السارق من البنك.. كالوارث من أبيه”! ولأن البنك لا بد من أن يتحمل النقص، خصوصاً أن السرقات، لو تمت في حالة المفاتيح، ستكون من الباب الخلفي للجهاز، وليس من خلال الواجهة الرئيسية التي يتحملها العميل غالباً، دعنا من هذا.
الجانب الأهم هو السرقات الإلكترونية التي “لا” يتم الإعلان عنها بالقدر الكافي، أقصد ما يروج بين الناس عن الشرائح الالكترونية التي يضعها اللصوص داخل فتحة إدخال البطاقة فتقوم بقراءة البيانات، ويسرقون من الأرصدة. وعلى المتضرر كتابة شكوى والانتظار إلى حين يتحول إلى “مُربَّى” أو “مخلَّل” للحصول على حقوقه من البنك النائم في الأرباح. وقبل فترة غير قصيرة، نشرت إحدى صحفنا قصة عن عصابة سرقت الملايين بهذه الطريقة في المنطقة الشرقية وهرب بعض أفرادها، فقد وضعوا شريحة الكترونية وانتظروا بالقرب من جهاز الصراف ومعهم جهاز كومبيوتر محمول، ونجحوا في سرقة ملايين لم أعد أتذكر عددها.
أين التوعية للبنوك؟ وماذا عملت في هذا الأمر؟ ولماذا لا يتم إيضاحه للناس من مؤسسة النقد، وهي المسؤولة عن حماية أموال المودِعين؟ هل ستأتي تلك التوعية بعد وقوع الفأس في الرأس عندما تصبح ظاهرة، فيسأل الناس بعضهم بعضاً: كم سُرِق من رصيدك اليوم؟ لقد رأينا أن “ساما” بدأت في التوعية بأخبار صحافية قليلة عن شركات وهمية تستقطب الأموال، تم هذا بعد أن وصل عدد هذه الشركات والمساهمات إلى رقم قياسي، وتم “شفط” أموال لا يزال أصحابها معلقين بين الرجاء والخوف. أما “المناشير” وهو اسم “الدلع”  للبنوك، فهي في حصانة والعصمة بيدها، عصمنا الله وإياكم من كل ذنب. وأخبرني أحد الأصدقاء وهو صحافي “قيادي” بأنه خلال سفره إلى لندن وقف أمام آلة صرف، ووضع بطاقته التي أبت أن تخرج، ولم يحصل على نقود، فقام رجل يقف خلفه بمحاولة مساعدته. والتبس الأمر على صاحبنا هل سيساعده الرجل أم يريد سرقة البطاقة؟ إلا أنه اطمأن بعد خروج البطاقة سالمة من دون صرف نقود وذهب. وعندما عاد “للديرة”، اكتشف سرقة مبلغ كبير من المال من حسابه، تم سحبه من فرنسا التي لم “تطبها” رجله!
وتذكر الرجل الذي ادعى المساعدة ولم يفهم كيف تمت العملية؟ قال  صاحبنا الصحافي إنه قدّم شكوى إلى البنك، قلت له: “مت يا صحافي إلى أن يأتي الربيع”، فرد بأنه يعرف مسؤولاً قيادياً في البنك. ضحكت وقلت: وهل تعتقد بأنه لا يزال يعرفك؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.