مفاجأة المفاجأة!

أكثر ما فاجأني هو أن المسؤولين في هيئة الإغاثة العالمية فوجئوا بأحوال الفقراء في محافظة الليث والمراكز المحيطة بها. للعلم – أخي القارئ – تبعد محافظة الليث عن محافظة جدة 180 كيلومتراً والطريق معبدة.
 الأصل ان تبحث االجمعيات الخيرية عن الفقراء والمحتاجين لا العكس، الهدف من هذه الإشارة هو حض الجمعيات الخيرية، وما في حكمها ان تبحث حولها، فيكون الشعار انظر حولك ثم حواليك، وأقدم الشكر للمسؤولين في هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية على مبادرتهم وإرسال معونات غذائية وحاجات وصدقات لبعض المحتاجين هناك، جعل الله تعالى سعيكم  في موازين أعمالكم، ثم أن وصول قوافل الهيئة إلى مراكز الليث لا يعني حلاً جذرياً للمشكلة. هنا أطالب المحسنين بالوقوف مع الهيئة الإسلامية العليا للإغاثة ودعمها والتبرع لها، هي الوحيدة من الجهات المعنية التي تحركت ووصلت إلى الميدان لأناس طالبوا على صفحات الصحف في بداية الشهر الكريم بإفطار. بعضهم يفطر على ماء فقط لا غير. والقصص التي حصلتُ عليها من تلك المنطقة عن أحوال أسر وأفراد مروعة، بقي على المسؤولين في هيئة الإغاثة مشكورين أن يكشفوا المستور، ويخبروا من بيده القرار لماذا بقيت هذه المحافظة في أوضاع متردية مثل التي فاجأتهم عندما وقفوا عليها، طوال تلك السنين وهي ليست بذاك البعد؟ لا بد من أن هناك غيورين طالبوا وكتبوا واشتكوا فأين ذهبت مطالباتهم؟
وللعلم والإحاطة فإن وباء حمى الضنك ظهر أول ما ظهر في محافظة الليث وتم نسيانها. كان يمكن لظهور الوباء أن يسلط الضوء على تفاصيل مشكلاتها، لكن هل تعتقد بأن سكان هذه المراكز هم الوحيدون المحتاجون  في بلادنا؟ بمعنى أنهم آخر الفقراء، أنا لا اعتقد، بل هو ما وصل إلينا وظهر على السطح، لكن المتابع يلاحظ غياب جهات رسمية معنية بهذه القضايا وكأن لا علاقة لها بها. عندما نعترف بوجود الفقر والعوز في مجتمعنا يجب أن يكون اعترافنا حقيقياً وفاعلاً وتظهر آثار علاجه السريع على ارض الواقع، تذكر عزيزي القارئ أن الحديث ليس عن مسكن مناسب ولا كماليات بل عن حاجة للطعام!
واحدة من مشكلات مراكز الليث الجذرية هي التعليم، الأمية متفشية بسبب قلة المدارس على رغم توافر مدرسين! فكان أن بقي غالبية سكانها على أوضاع مأسوية.
 يروي لي أحد الإخوة الذين شاركوا بإيصال تبرعات للمواطنين في الليث، قصة امرأة فقيرة طالبتهم بأن يسددوا الدين عنها، ولا تريد شيئاً غيره، سألوها عن دينها الذي أقض مضجعها، فقالت: 147 ريالاً! بماذا يصنف وضع مثل هذا تحت “خط الفقر بِكَمْ خط”؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.