تفحص عامل محطة الوقود ورقة الـ 500 ريال جيداً. فركها بإصبعه ثم عرضها بشكل مائل للإضاءة، ليرى رموزاً وألواناً. كان العامل يريد التأكد من أنها غير مزورة. اعتذر بأدب لزبون شبه دائم لديه. في اللحظة نفسها جاء زبون آخر، وطلب من العامل صرف ورقة 500 ريال أخرى، ومن دون أن ينظر إليها اعتذر لعدم وجود “الفراطة” لديه، ثم ظهرت “الفَكَّة” في المحفظة! لاحقاً أخبرني العامل بأنه لا بد من فحص الأوراق النقدية، خصوصاً فئة الـ 500 ريال. صاحب المحطة يطالبهم بذلك، فإذا أودع شيئاً يحوي ورقة مشتبهاً بها لاحقه البنك. من المعلوم أن هناك أوراقاً نقدية مزيفة، اسأل صرَّافي البنوك يخبروك. في مقال سابق نبهت إلى أن آلات الصرف لا تخرج منها إلا فئات النقد الكبيرة، معظمها من فئة الـ 500 ريال. وطالبت بتوفير الفئات الدنيا، و”ما أحد جاب خبر”. وقتها كان الأمر بحثاً عن “فَكَّة”، فإذا اضطر عامل محطة الوقود لفحص كل ورقة من تلك الفئة فهو يعني انتشار العملة المزيفة. بعض من تقع في يده عملة من هذا النوع يقول إنه سحبها من آلة صرف، قد يكون ذلك صحيحاً وقد لا يكون. إلا أن آلات صرف النقود هي المصدر الأول للسيولة، وأكثر ما يخرج منها هو فئة الـ 500 ريال المستهدفة من المزورين.
من مقاعد غينيس للأرقام القياسية التي يمكن حجزها لنا، مقعد أكثر حالات التزوير أو اكبر المزورين أو كثرتهم. إحدى الصحف نشرت عن القبض على “شيطان” التزوير، لقد استهلك الأكبر والأخطر فوصل المحرر إلى “الشيطنة”. لم تبق وثيقة لم تستهدف بالتزوير. جوازات، بطاقات أحوال، إقامات، كوبونات أضاحٍ، تصاريح الحج، رخص
القيادة، وأختام رسمية لعدد لا يحصى من الجهات الحكومية، من الشَّرط إلى إدارات الوافدين. نعيش بالفعل طوفاناً من التزوير. ولاحظت – في ما قرأت عن قضايا القبض على المزورين – تكرر اسم “نور” بينهم، نور حسن، نور حسين”، ونسبة مهمة منهم من الجنسية البنغلاديشية والباكستانية والهندية. هذا ما يظهر على السطح، ولأن الأسماء لا تدل في مضامينها إطلاقاً على من تسمَّى بها، نرى أن “نور” هنا هو “ظلام” داكن. النور يعني النقاء والوضوح الشديد، وهو ما يتناقض مع التزوير جملة وتفصلاً… غداً بعون الله تعالى، أكمل بأطرف خبر تزوير يرشحنا للمقعد الوثير.