حفلت السياسة الأميركية البريطانية في العراق بأخطاء جسام هي أقرب للكوارث، فهل يمكن اعتبار إعدام صدام في أول أيام عيد الأضحى، يوم النحر والعيد الأكبر للمسلمين، حلقة في سلسلة هذه الأخطاء ام أنه يحسب على الأحزاب الحاكمة حالياً في العراق؟ هل يمكن بداية مرحلة جديدة من سياسة المصالحة، وإشاعة الاستقرار في العراق، بحفلة انتقام كبيرة تلطخ عيد المسلمين الأكبر، ومن أحزاب تعلن أنها اسلامية! فلا تضع اعتباراً لهذا اليوم وللشهر الحرام، ولمشاعر الملايين من المسلمين؟ الأيام المقبلة ستقدم لنا بعض الأجوبة، والمؤشرات تقول إن الصورة قاتمة، ومن نافلة القول إن صدام الفرد والحاكم لم يترك لأحد فرصة للتعاطف معه، ولم يكن في مسيرة حكمه بعض من السياسة أو العقلانية. كان “صليب راس”، عنيداً بامتياز، كان له من اسمه النصيب الأكبر. صدام قامت حياته على الصدام والدموية، إلا أن التعاطي معه بمثل أفعاله لا يعطي فسحة للتفاؤل بالحاكمين الجدد، ولا بسياساتهم المستقبلية.
والأصابع الأميركية في التوقيت حاضرة، وإن تمترست خلف الدمى السياسية، وهو أمر يثير الأسئلة لعل أضخمها يقول، ما حظ هذه الأحزاب من السياسة وحكم بلد معقد؟ ولا يمكن إلا البحث عن الرسالة “اللغم” التي غلفت بتوقيت تنفيذ الإعدام، فهل هي رسالة أميركية أم حزبية طائفية عراقية؟ الواقع أنها رسالة حمراء تطفح بالدماء، لا تبشر بخير لا للعراقيين ولا لجيرانهم، ومن اللافت اجتماع إيران وإسرائيل على التعبير عن الابتهاج بإعدام صدام حسين في أول
أيام عيد الأضحى، أكثر دولتين تعلنان عن عداوتهما بعضهما لبعض “إعلامياً” تتفقان على الإشادة بالتنفيذ في هذا اليوم العظيم.
أما الخارجية البريطانية، فقالت إنه “دفع ثمن جرائمه”، في هذا اليوم العظيم نرفع أيادي الدعاء للمولى العزيز أن يدفع الساسة الغربيون والإسرائيليون، وفي مقدمهم بلير وبوش ورامسفيلد وأولمرت، أثمان جرائمهم في حق الشعوب العربية، سواء أكان ذلك في أعيادهم أم أعيادنا!
أول قاضٍ عراقي حاكم صدام صرح بأن توقيت الإعدام كان مخالفاً للأنظمة، لأنه يوم عيد للمحكوم عليه. اما الهيئات الإنسانية والقانونية، فقالت إنه أسير حرب لدى الأميركيين، والعراق بلد محتل ومن يحتله يتحمل كامل المسؤولية، إلا أننا خبرنا السياسة الأميركية والبريطانية في التعامل مع القوانين الدولية، غزو العراق كان شاهداً على انتهاك “خلاّق” لهذه القوانين، أحدث فوضى مرعبة، يدفع ثمنها العراقي.
“بالروح بالدم نفديك يا صدام”… تبخرت الأرواح والدماء التي كان يهتف بها لصدام عندما كان عزيزاً يمسك بمقاليد الحكم والسياط، في المقابل كان ابتهاج الشارع العراقي بالإعدام ضعيفاً مرتبكاً.
ذهب صدام غير مأسوف عليه. الأسف على عقليات الحاكمين الجدد ومن يديرهم، فهم أعلنوا بهذا التنفيذ والتوقيت، بقصد أو عن غباء، عن عهد ربما يكون أبشع من عهد صدام.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط