موجز عام 2006

أبرز حدث في الداخل السعودي مسّ المواطنين وغير المواطنين في عام 2006 كان انهيار سوق المال، مع ما رافقه من صمت وبطء في المواجهة من الجهات الرسمية، وهو ما يمكن أن نطلق عليه “لغز عام 2006”. ومن دون مبالغة تعرضت معظم الأسر لخسارة مدخراتها. هذا العام أيضاً سيحتفل به بعض “كبار” المستثمرين القلائل بوصفه عام النجاح والدخول إلى عالم البلايين، إذ تمكنوا من بيع أجزاء يسيرة من  شركاتهم بأسعار لا يحلمون بها في الظهيرة، تم ذلك من خلال طرح جزء من أسهم شركاتهم للاكتتاب مع علاوات إصدار ضخمة وبموافقة أو “غيبوبة” من جهات رسمية معنية بحماية السوق والاقتصاد، وقبل انهيار سوق المال الرسمية وبعده انهارت مساهمات الأهلية بالموازاة، بعضها كان معلناً عنه وبعض آخر كان يتم  بعيداً عن التعامل الرسمي، فكانت الخسائر أكثر شمولاً وبلاء، على هذا الأساس يمكن وصف عام 2006 بـ “عام تبخر المدخرات، وارتفاع مديونية المواطنين للبنوك”، فمصائب الناس فوائد مركبة للبنوك. ومثلما شهد عام 2006 إعلان اكبر موازنة في تاريخ البلاد، وكذا الإعلان عن إنشاء مدن اقتصادية في مناطق عدة من المملكة، فهو أيضاً شهد أكبر قدر من ارتفاع الأسعار في مختلف المجالات، من مواد الإنشاء والبناء إلى حاجيات المعيشة الأساسية، وأعلن مسؤول في مؤسسة النقد السعودي أن لا أخطار من التضخم فهو قيد السيطرة، كما قال في تصريح صحافي! فإذا تذكرنا تصريحات له
عن سوق الأسهم قبل انهيارها يمكن توقّع تفاقم التضخم وفقدان السيطرة عليه في عام 2007.
ما سبق مختصر عن الأحوال الاقتصادية التي تمس الفرد والمجتمع، وفي موازاتها وبالأهمية نفسها، نجد الجانب الأمني الجنائي، إذ حفل عام 2006 بأكثر الحملات الأمنية شمولاً واستمراراً، فكشفت لنا هذه الحملات بصورة أكثر وضوحاً أن كل شيء تقريباً في بلادنا يمكن سرقته وبيعه، من أسلاك النحاس إلى عيون القطط في الطرقات، لم يعد هناك شيء لا يمكن توقّع سرقته… من أغطية الصرف إلى قطع المعادن التي تغلف عدادات المياه، وكشفت هذه الحملات المعلنة عن تفشي وازدياد وتيرة ظاهرة تزوير الوثائق الرسمية بين العمالة بالدرجة الأولى. فعمال كنا نعتقد أنهم عاديون، كشفت السلطات الأمنية أنهم  يديرون أعمالاً غير شرعية تدر عليهم مئات الآلاف، بل الملايين من الريالات، وهي خسائر ضخمة لخزانة الدولة، إضافة إلى جانبها الأمني الخطر.
وشهد هذا العام اهتماماً لافتاً من الشرطة بمكافحة التسوّل، ففي ربعه الأخير استطاعت شرطة الرياض القبض على 13 ألف متسول معظمهم من المتسللين، لا يُعلم كم منهم سيستطيع العودة سريعاً! وهو أيضاً عام وزارة العمل بامتياز، إذ أدت سياساتها إلى تفشي ظاهرة هروب العمالة والخادمات، وأصبحت سوقاً سوداء مربحة. دعونا نأمل خيراً في العام الجديد… فالمفترض  في الحد الأدنى أنه “عام البصمة”!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.