أيْ في حقول النخيل، مصطلح شعبي نتداوله في السعودية، وهو مشابَهَةٌ لقول بعض الإخوة العرب: “في المشمش”، ربما في المغرب العربي يقولون: “في الزيتون” لكثرة أشجار الزيتون في أرضهم، ولا تسألني ماذا سيقولون إخواننا في العراق… ربما في المشرحة! رفع الله تعالى عنهم سطوة الطغاة.
“في النخل” يرددها القائل، متشائماً وربما مدركاً! فهو لا يتوقع حدوث أمر بعينه رداً على سؤال، مثل قولهم: هل ستعود أسواق الأسهم كما كانت؟ يكون الرد “في النخل”! أو سؤالهم هل سيستفيد المستهلك من تخفيضات جمركية على عشرات السلع، يكون الجواب: “في النخل”، أما في السياسة، فهي تصلح جواباً لسؤال، هل الأميركان عازمون فعلاً على إنشاء دولة فلسطينية؟ يمكنك الإجابة “في النخل”، وأنت مطمئن وستفوز بالجائزة الكبرى.
لا نعرف من النخيل، حق المعرفة، سوى التمور، نحتفي بها “مع فناجيل القهوة المرة” صباحاً ومساء، ونقول: “فنجال” باللام وليس فنجان، أما إعلامياً فنعرف النخيل عند التفاخر بالإحصاءات الرسمية، دليلاً على التطور و”التُّقُدم” بضم حرف التاء! لأنه قد عشش في مخيخ إعلامنا قواعد الأولوية الذهبية، أفضل وأكبر وأكثر، وأوسع فيما عدا البطون! وهلمَّ ركضاً، فيقول الإعلام: لدينا كذا مليون نخلة، أما أحوالها فالعالم الله تعالى ثم بعض المزارعين، وقد يكون رقماً على الورق فقط مثل إحصاءات عدة، لو دققتَ فيها لرأيتَ العجب.
المزارع تركي الدوسري في محافظة وادي الدواسر في منطقة الرياض ماتت له 500 نخلة بسبب آفة “سوسة النخيل الحمراء”، ومثله المزارع سفر بن عايض، وغيرهما تحدثوا لصحيفة “الوطن”، السوسة الحمراء تفتك بنخيل الوادي، ووزارة الزراعة تقف مكتوفة الأيدي، إمكاناتها في تلك المحافظة ضعيفة. لذا يلجأ المزارعون مضطرين إلى استخدام أنواع سامة جداً للإنسان من المبيدات! على رغم عدم جدواها، سوسة النخيل الحمراء منتشرة، وهي عاثت فساداً، من قبلُ في نخيل واحات الأحساء والقطيف (شرق السعودية) وغيرها من المناطق، والمزارعون الضعفاء يتفرجون على نخيلهم وهي تموت واقفة، الحديث عن مكافحة سوسة النخيل في السعودية عمره عقود من دون نتيجة تذكر، على رغم كثرة كليات الزراعة ومراكز الأبحاث التي يُحْكَى عنها، فهل يعقل أن الحكومة السعودية عجزتْ عن مكافحة هذه الآفة؟ وما نتيجة كل تلك الأبحاث والحملات المكثفة؟ أين الأفكار المبدعة لحماية عمتنا النخلة، وقوتنا الحقيقي؟ هل وزارة الزراعة مشغولة بكميات محاصيل القمح والشعير ودعمها مع أهميتها، أم بمزارع النعام والحمام؟ ألاَ تستحق عمتنا النخلة وثمرها اهتماماً بحجم كارثة مستمرة يتضرر منها صغار المزارعين، فنطلق صفارة مواجهة الخطر على النخيل؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط