المتاجرة بالأطفال والعاهات

قبل شهر رمضان المبارك الماضي، تناقل الناس في السعودية، من خلال أجهزة الجوال مشهداً “بلوتوثاً” لعمليات إحداث عاهات لأطفال لاستخدامهم في التسول. ولست أعرف مصدره أو أين تم، ولا جنسيات أبطاله، فلا يمكن الجزم، لأن التقنية مكنت المحترفين من التلاعب والتزييف والقص واللصق، إلا أنه أحدث صدمة لدى من اطلع عليه، أو سمع به. وإذا تجولت في مكة المكرمة أو جدة سترى جماعات من هؤلاء المتسولين، ويتسرب بعض منهم إلى بقية مدن السعودية، في حين يستوطنها بعض آخر. وإذا كان الأخ مازن الصالح عرض بالأمس مشهداً مزعجاً تحت الجسر المربع في مدينة جدة، فهو ليس المشهد الوحيد. في خبر صحافي قبضت شرطة منطقة جازان على 238 طفلاً مع زعيم لهم يستخدمهم للتسول والسرقات، وماذا أيضاً؟ تهريب المخدرات! انظر إلى الرقم في جازان وحدها لتعرف حجم القضية! في خبر آخر لصحيفة “الوطن” استعرض تفاصيل اجتماع بين الجهات المعنية في السعودية واليمن، قال السفير اليمني في السعودية إن عدد الأطفال الذين تم ضبطهم العام الماضي 900 طفل. وبودي أن أصدق، لكن ما أراه في شوارع الرياض لا يبعث على التفاؤل. أما وزير الشؤون الاجتماعية السعودي، فتحدث عن برنامج توعوي لدى وزارته، لا نعرف متى ينطلق؟ أو متى بدأ إعداده؟ لأن التسلل للأطفال والكبار يتم منذ سنوات، أرجو ألا يكون حلقة في سلسلة الوعود التي لا تنتهي. ومحافظة “حجة” في اليمن هي أحد مراكز الانطلاق للتسلل إلى الحدود السعودية. ويخبرني بعض الإخوة اليمنيين العاملين في السعودية، وهم منزعجون من تكاثر المتسولين، إن معظم هؤلاء يأتون من تلك المحافظة، والأطفال وراءهم كبار وعصابات، والقضية كبيرة. أما الهروب إلى الأمام بالقول إنها “ظاهرة عالمية” فهو لا يجدي، بل يشير إلى عجز عن المواجهة. ومن ملامح الهروب إلى الأمام التي تستند إليها بعض الجهات المعنية، التهوين من القضايا عند طرحها في وسائل الإعلام، إما بالقول إنها ليست ظاهرة، واتهام الصحف بالرغبة في الإثارة، أو التغاضي عنها رسمياً بالصمت وعدم التفاعل معها، فإذا اسْتَشْرَتْ وانتشرَتْ وخطَفَتْ الأبصار تم التحدث عن دراسات وبرامج. أما المتسولون من أصحاب العاهات الطبيعية والمحدثة بقصد التسول وابتزاز العواطف فهم ملف بحاجة إلى العلاج الجاد، والأمل ألا تركن الجهات المسؤولة إلى تطبيق البصمة ونحن في عامها، فهي ليست حلاً سحرياً، فمن لا يتورع عن قطع الأيدي والأرجل، لن يتردد في طمس البصمات.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.