أواجه مشكلة مع “ما يفترض أن يكون”. معظم القراء الذين يراسلون هذه الزاوية يتحدثون عن “المفروض”، فيقول أحدهم “مفروض أن تقوم تلك الجهة بعمل كذا وكذا لحل تلك المعضلة”، مع الأخذ بعين “ورقبة” الاعتبار إشكالات البيروقراطية، ثم أصل وإياه إلى نتيجة أن ذلك من “الواقع الافتراضي!”.
والمواطن في كل بلد ينتظر أن تقوم الجهة الخدمية بالتفكير المستقبلي، وأن تستعد بالحلول، حيث وفرت لها الدولة الإمكانات والصلاحيات، فإذا نشأت ظاهرة تتم المواجهة بسرعة، فلا ينتظر أن تطرق باب منزل الوزير أو المسؤول ليشعر بها ثم يشكل لجنة للدراسة ويسافر في مهمة!
لنأخذ مثالاً: واحدة من القضايا المتفاقمة التي يعاني منها المجتمع السعودي مشكلة العمالة المنزلية، تبدأ من صعوبة الحصول على التأشيرة، ولا تنتهي بهروب العمالة من خادمات وسائقين بعد أن يكون الفرد قد خسر من المال والجهد والوقت الشيء الكثير، الخادمات يهربن من منازل مخدومين ثم يذهبن للعمل في منازل أخرى! بتواطؤ أو إغراءات يطول شرحها، حتى أصبحت هناك عصابات تدير هذه التجارة، ولا يعلن إحصاء عن عدد الهاربين والهاربات! ولو أن مركزاً عالمياً للبحوث في “الواق الواق” مثلاً أعلن أن السعودية تحتل المرتبة الأولى في هروب العمالة، والمرتبة الأولى في تشغيل عمالة غير شرعية، لظهر الوزراء والمسؤولون وأصدروا تصريحات النفي. وبيانات النفي شكل من أشكال الاهتمام! وهو ما لا نجده على ضعفه في قضية هروب العمالة، ولا يظهر أن هناك مسؤولاً يبحث عن حلول، “ويجيب الله مطر”. ومن الحلول التي طالما أهداها القراء للمسؤولين، لتضم تحت بند “لعل وعسى”، ما يطرحه الأخ محمد المحيميد، وهو السماح لمؤسسات أو شركات بتأجير العمالة المنزلية من الجنسين وفق ضوابط تكفل حقوق الطرفين، وهو أمر واقع الآن تديره مافيا العمالة المنزلية، حتى أصبح المحتاج يضطر لتشغيل عمالة من دون التأكد من نظامية وجودها، دفع عدم التفكير بحلول الجمهور إلى مخالفة الأنظمة! إيجاد مثل هذه المؤسسات سينظم الحاجة ويخفف العبء، وسيعلم رب العمل من هذه التي دخلت إلى منزله، بدلاً من أن تكون عيناً للصوص أو سبباً في مخالفة، ثم أنه ليس هناك رب منزل يريد مبيت خادمة في منزله، أغلبهم على الأقل. لماذا لا تفكر وزارة العمل في الحلول وتبقى أسيرة لأنظمة قديمة غير مفيدة، بل أصبحت مسوغاً لزيادة عمق السوق السوداء. رب العمل يخسر، والاقتصاد مثله، والأمن الاجتماعي والجنائي يشكو من ضغوط، ولا يتوافر سوى مزيد من الاستقدام، ومزيد من الفرص للصوص العمالة والتأشيرات.
ليس من الصعوبة إيجاد الحلول وهو ما يزرع السؤال… فيم إذاً يفكر المسؤولون؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط