شنق الأطفال

أفزعني خبر ذكر أن امرأة في السبعينيات من العمر شنقت نفسها في دورة المياه! ولم يُذكر السبب. ربما كانت تعاني من مرض نفسي. وربما كانت حادثة. وهو في كل الأحوال غريب مثير للأسئلة. وأفزعني أيضاً تعدد أخبار شنق الأطفال أنفسهم تقليداً لمشهد إعدام صدام حسين. بعضهم سقط جثة هامدة، وآخرون نجوا. في منطقة واحدة حدثت سبع محاولات لأطفال، ما السبب يا ترى؟ هل هي عبارة “هاي المرجلة”؟
تخيّل طفلاً يطالع عرضاً تلفزيونياً لمشهد الشنق الذي انتشر في كل وسائل الاتصال، ومن حوله والداه وإخوانه، وبعضهم يشيد بذلك المنظر بصورة غير مباشرة، فيصف المقتول بالشجاعة و “المرجلة”، ماذا سيفعل الطفل وهو “الباحث” عن “المراجل” ليقنع من حوله بأنه تجاوز عمر الطفولة؟ أمثال هؤلاء الأطفال لا يعرفون من هو صدام حسين، ويرسمون له صورة منسوجة من أفواه من حولهم، وهي أفواه واسعة، إنتاجها كبير من الكلام الغث غير الموزون، كما أنهم لا يعون ماهية الموت، فهل يعي الآباء ومن في حكمهم أخطار الحديث غير المسؤول أمام الأطفال؟ حالات شنق الأطفال أنفسهم حدثت في أكثر من بلد، ومن بينها السعودية، حيث اهتم الناس بعملية الشنق بمباركة من حرص على نشره، ومن بينها فضائيات ومواقع لا تُسأل عن نتائج ما تفعل!
لا يعي الكثير من الناس أن الكلمة طاقة، والقانون الفيزيائي يقول إن الطاقة لا تفنى ولا تُستحدث، هي باقية مخزونة لا يُعرف متى تظهر على السطح لتتحول إلى فعل، يتحول إلى مأساة… ويجر أفعالاً.
صورة العام
أستطيع اختيار صورة تناقلتها مواقع “الإنترنت” والبريد الإلكتروني على أنها صورة العام “الهجري”، أما سبب اختياري للهجري بدلاً من الميلادي، فهو أننا نتقيد به في السعودية، والصورة لسيارة فخمة باهظة الثمن من “موديل” حديث جداً، قام صاحبها “المغبون” بالكتابة على جسمها اللامع بخط عريض وباللون الأسود، يصف أحوالها المتردية، عطل في المحرك وناقل السرعة، والوكالة ترفض استبدالها، وأوقفها أمام مبنى الوكيل المعتمد. لم تأخذ هذه الصورة حقها الإعلامي، لكنها شاهد على عجز المستهلك، سواء أكان يركب حصاناً أم حماراً، أمام سطوة المتحكمين في الأسواق، وسوء خدمات ما بعد البيع، وعصمة بعضهم من الملاحقة الرسمية، حتى أن أسماءهم لا تظهر إلا عند حصولهم على الجوائز. تلاشي الرقابة للحفاظ على حقوق المستهلك أحد الثوابت في اقتصادنا. والمبرر الرسمي “المكرور” يتحدث عن حرية الاقتصاد وقانون العرض والطلب. لم نأخذ من الغرب إلا اللافتة، فقالوا إن السوق حرة والاقتصاد حر، أما “الرقيق” الوحيد الذي يكدح لهما فهو المستهلك.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.