“يا نخل من يشتريك”

الملاحظ أن أمانة محافظة جدة مهتمة كثيراً بالشكل على حساب المضمون، آخر دليل على ذلك حيطان شيدت خصيصاً للرسم عليها من جانب الهواة، ربما من هواة الرسم على جدران الجيران، الذي يقرأ هذه الأخبار يظن بل وقد يجزم أن جدة المدينة وسكانها في أحسن حال، لا حمى ولا مشكلات صرف مجارٍ، ولا بحيرة صرف “يسمونها بحيرة المسك!” ربما هي الأكبر في المنطقة، ولا مشكلات صرف مياه الأمطار، ولا متسولين بالآلاف ومفترشين من كل الجنسيات، ولا لا، وهي نفسها الأمانة التي لم تتمكن من حماية أرشيفها من الحريق مرة أو مرتين، لم اعد أتذكر. وبالأمس قرأت خبراً في صحيفة “اليوم” السعودية، يقول إن أمانة جدة تعتزم استيراد نخيل من أميركا الجنوبية لتجميل “عروس البحر”، وحتى يكون القارئ على بينة لا بد من الاطلاع على لب الخبر: “أوضح الدكتور بهجت طلعت حموه المدير العام للإدارة العامة للحدائق والتجميل، أن الخطة تهدف إلى تحقيق المنظر الجمالي لجدة بما يتوافق مع النظام البيئي، لافتاً إلى انه ومن منطلق تحقيق هذا الهدف، تم استيراد بذور هذه الأنواع النباتية من دول عربية ومن هيئات علمية من داخل المملكة وخارجها، إلى جانب استيراد بذور 25 نوعاً من نخيل الزينة من أميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا توافق البيئة الساحلية للعروس”… انتهى. يظهر أن “عروس البحر” هواها بحري، معلّق بما يأتي من البحر، ولأن الذكرى تنفع المؤمنين أذكر من يهمه الأمر بأن أمانة جدة سبق أن استوردت “ورد النيل” لمكافحة البعوض مع أن في استيراده تجاوزاً وخطورة كبيرة، وهناك عشرات الدول التي تعاني من هذا النبات، وكنت أشرت إلى هذا في مقال بعنوان “الشيطان الأزرق… غير”، نرجع إلى العروس، فهي حتى لو كانت مريضة بأمراض عضال لا بد من تجميلها، لكن لماذا نخيل أقاصي الدنيا، أليست بلادنا هي بلاد النخيل، أم أن النخيل الوطني “كخة”؟! هل لدى محافظة جدة حديقة نخيل من كل الأصناف والجنسيات لا ينقصها سوى نخيل أميركي جنوبي أو شمالي؟ هل سيزرعونه لشفط بحيرة الصرف الكبرى؟! لم أقرأ تفاعلاً مع قضية استيراد الشيطان الأزرق، ولم نعد ندري ماذا حصل، ولأن النخيل بالنخيل يذكر، أشير إلى خبر لطيف في الصحيفة وفي العدد نفسه، حيث زار وفد من سيدات الأعمال الأستراليات محافظة الأحساء وأعجبن بالنخيل فيها، هنا اقترح على أمانة محافظة جدة أن تتعاقد مع بعضهن كخبيرات أجنبيات لشؤون التجميل ربما تصبح لنخيل الأحساء أو الخرج أو المدينة المنورة قيمة جمالية أكبر، فإذا قيل إن هذا نخيل صحراوي لا ينفع للساحل، أقول اذهبوا إلى “قيال” في منطقة تبوك ستجدون نخيلاً و “ببلاش”!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.