كلما أراد الوقوف سقط في فخ الأسهم، إلى أن أصبح مديوناً للبنك. الضحية الذي لا يرغب في ذكر اسمه مثله كثير، من أصحاب المحافظ إلى المشتركين في صناديق البنوك، إلى “المورطين” في بطاقات الفيزا وزميلاتها. وهو اعتقد مخطئاً أن البنك حريص على مال العميل مثل حرصه على ماله. وهنا أخطأ خطأ قاتلاً، فطارت المحفظة، ووصله خطاب من البنك يطلب تسديد مبلغ إضافي نظير التسهيلات.
التسهيلات ليس لها من اسمها نصيب. يفترض أن تسمى “التوريطات”، سواء تم إدخالها إلى حياض الإسلام بـ “شرعنتها” أو لم يتم. وهو أخطأ عندما وقع ورقة للبنك تسمح للأخير بأن يبيع الأسهم متى شاء وبحسب مصلحته. كان يعتقد بأن التوقيع لمصلحته هو، واهماً، تخيل أن البنك سيبيع عند القمة لا عند القاع، هي أوراق يعدها البنك بقدراته القانونية، بما يكفل مصالحه فقط لا غير، هي أوراق إذعان لم تفكر ولن تفكر الجهة الرسمية بفحصها حتى تكون أقل ظلماً وتغريراً. بعد أن باعوا أسهمه قبل ثلاثة أشهر من دون إبلاغه، طالبوه بسداد مبلغ من المال. أخذوا عند تقديم التسهيلات وسيأخذون عند الخسارة. وليس هناك من ملجأ من البنك إلا إلى بنك آخر لا يختلف عنه كثيراً سوى في الشعار وبداء “السُّعار” نفسه. كان الرجل يعتقد مخطئاً أن البنك سيحفظ له تعاملاً عمره عقود، نسي أن البنك لا يعترف بـ “العِشْرة” بكسر العين، بل يتلذذ بكسر عين العميل إذا فقد العشرات من حسابه.
كتبت في ما مضى مقالاً أقول فيه عن الإمضاء “من وقّع فقد وَقَع”، وصاحبنا لا ينسى سلاسة الإجراءات عند توقيع أوراق التسهيلات مع عريض الابتسامات. كلها كانت لتسهيل أوضاع البنك على حساب أوضاع الضحية. ثم أننا نسينا أمراً مهماً، وهو أن البنك يسمي زبائنه “العملاء”، هم في عرفه “عملاء” له يخدمونه و “يستنزلون” حواليه بأوراقهم النقدية، كأنهم في “سامري”. هل تذكرون عندما كان بعضهم يصرخ من أن البنوك ترفض فتح حسابات ومحافظ لهم لتدنّي أرصدتهم؟ إلا أن العميل يظل عميلاً ولا بأس عند الحاجة أن ينتحر.
لست وحدك ياعزيزي. الضحايا كثر، على اختلاف بنوك الدلال، التي أطلق عليهم زميلي الأستاذ أحمد الشعلان “مزايين البنوك”، وكلهم مزايين، ولا “شيون” سوى من جف رصيده من العملاء. هذا واحد من الضحايا وضع “تحويشة” العمر في صندوق رائد، فبقي أقل من نصفها بكثير. أقول له اغنم ما تبقى وابلع الخسارة، “ما حولك أحد”. وهو يستغرب من بطاقة صراف لديه لها سنوات إذا أراد الشراء بواسطتها ترفض الأجهزة تمرير العملية ليصاب بالحرج أمام البائع وطابور المنتظرين. وعندما سرقت البطاقة استطاع السارق بعملية واحدة أن يحصل على الحد الأعلى من مبالغ السحب.
لست وحدك يا عزيزي. انظر حولك لا ترى واقفاً سوى البنوك… البقاء للبنوك.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط