أو “ملسون” وهو شخص طويل اللسان، وصل إلى يقين من تراكم التجربة انه لن يحصل على ما يريد إلا بطول اللسان، ومن الشائع في الشارع السعودي أنك إذا لم تكن “ملوسناً” أكلك أصحاب الألسن الطويلة، إلا أن الحياء يمنع الغالبية من فرد عضلات اللسان القادر على كسر حاجز العيب للفوز بسرعة نيل المطالب، هناك أساليب كثيرة لنيل المطالب تبدأ من تقدم الموقع في طابور انتظار لتصل إلى التخاصم في قاعات المحاكم.
ومنها “الاستهبال” وهو أسلوب شائع جمع بين الدروشة والتهريج في وعاء من الخبث الاجتماعي يحتاج إلى وقفة أخرى.
إلا أن رجلاً ابتلع لسانه وأقفل أذنيه كسر قاعدة قدرات اللسان الطويل، بالصمم والبكم استطاع متسول أن يضحك على أفراد وجهات عامة وخاصة، ليحصل على ما لا يستحق لمدة ست سنوات، والصورة مضحكة حد القهقهة، بل تدل على أن الجهات الخدمية لا تتواصل بالحواس المعروفة بل بحواس أخرى، منها الأوراق والأختام التي يزورها الخبازون والسباكون، والقصة نشرتها صحيفة “الرياض” لمتسول غير سعودي تمكن من الحصول على أوراق لمواطن، وقام بتزويرها ثم ادعى الصمم والبكم لسنوات، ولو كان هذا المتسول يهيم في الشوارع لكان أمراً مقبولاً، إلا أنه ذهب إلى عدد من الجهات الحكومية والخاصة واستطاع “التواصل” معها وإقناعها، ببلع اللسان لا بطوله، وذروة المشهد عندما ذهب إلى مستشفى خاص شهير، ومن روايته الممتعة المشخصة لواقع الحال المصابة حواسه باختلال، قال إنه استقبلته لجنة من الأطباء والمختصين، وتم إجراء أشعة، ورنين مغناطيسي، وفحص طبي، ليحصل في النهاية على تقرير طبي، يحتاجه للتسول، يؤكد أنه أصم أبكم بعد دفع المعلوم طبعاً. لك أن تسأل من الأصم الأبكم الذي تركزت حواسه على النقود! فوق هذا حصل على بطاقة من مركز “التأهيل الطبي” توضح انه معوق، السؤال الأبكم يقول من الذي يحتاج إلى تأهيل؟ ومن طرائف القصة الظريفة تأكيد على المواطنين بأن يحافظوا على وثائقهم الرسمية! السؤال الأصم يقول وما الفائدة إذا كان الإبلاغ عن فقدانها لا يقدم ولا يؤخر؟
إلا أن الاستنتاج الأهم من قصة المتسول الظريف، هو سقوط قاعدة اللسان الطويل والإلحاح، الذي يقتل أصحاب الحاجات به أنفسهم، إذ نرى أن ادعاء الصمم والبكم حقق لبطل القصة ما يريد… لست سنوات، وهو نموذج ناجح يستحق التجربة، لم تعد بحاجة إلى واسطة أو شخص تعرفه هنا وهناك أو لسان طويل، لنيل مطلبك، فقط اصمت وابتسم وحرك يديك مع تأتأة تنل مرادك… إنها في مجتمعنا المتكافل! “وسائط” بل “وسائد” القرن الواحد والعشرين.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط