أموال الناس في ورطة

نتائج صناديق الاستثمار في الأسهم التابعة للبنوك السعودية أكبر دليل على مستوى كفاءة من يديرها. الخسارة في المتوسط 60 في المئة، تثبت أنها إدارة غير رشيدة. تضاف إلى عدم الرشد تعقيدات إدارية من الجهات الرسمية المرتبطة معها، مثل “ساما” و “هيئة سوق المال”. قبل وبعد انهيار سوق الأسهم السعودية لم تكن الرؤية للصناديق واضحة في شأن من يشرف عليها. كانت السوق جسداً برأسين مرتبكين، عيونهما شاخصتان إلى المؤشر، إلا أن صناديق الأسهم في البنوك تعمل بأموال الناس، وهنا مربط الفرس. فهل نحن مقبلون على كارثة أسهم جديدة من خلال هذه الصناديق؟ الذي يدفعني لهذا القول تصريح هيئة سوق المال عن طريقة جديدة لحساب علاوة الإصدار، من خلال مزايدة بين شركات الوساطة وصناديق البنوك. والحقيقة أن هذه الطريقة تم تطبيقها على أسهم الفخارية، بمعنى أن التجربة تمت ثم أعلن عنها! حصل مدير الاكتتاب على ربح ثم باع على صناديق البنوك التي اشترت بأموال الناس، ويعلم الجميع أن البنوك ليست حريصة على أموال المستثمرين في صناديقها حرصها على أموالها، فمن سيحمي  أموال الناس في الصناديق من أن تقوم البنوك بشراء أسهم بعلاوة إصدار مرتفعة، تهوي متردية بعد بدء التداول؟ هذا سؤال موجه لهيئة سوق المال ولمستشارها القانوني الذي صرح بالأسلوب الجديد. ومعلوم أن الإشراف على الصناديق ما زال بين البينين، في منطقة رمادية، لم تعلن هيئة سوق المال حتى الآن أنها أصبحت مشرفة ورقيبة على أداء هذه الصناديق، وما قد يحصل من سوء استخدام أموال الناس الذين خسروا 60 في المئة أو أكثر مما استثمروه فيها، فهل بعد أن تردت السوق وأصبحت لا تقبل طرحاً بعلاوات إصدار كبيرة، يجري تشغيل الصناديق لمصلحة الشركات المطروحة وعلاوة إصدارها؟ أي تغيير “العفريته” بأخرى!
هيئة سوق المال مؤتمنة على أموال الناس، وكل شركة تطرح بأي صيغة  في عنقها. ومن الأموال المعلقة في سوق الأسهم وصناديقها إلى الأموال المجمدة في مساهمات العقار، يكتب لي احد الإخوة عن خمس سنوات عجاف عانى فيها مساهمون في مشروع فلل كبير في الرياض، استطاعت شركة العقار التي أعلنت تلك الفترة عن المساهمة جمع مئات الملايين، وتم إنشاء المشروع “في الدائري الشرقي” ولم يتم البيع حتى الآن، على رغم أن الطلب على السكن في العاصمة متصاعد، وشكاوى من عدم توافره، وارتفاع في أسعار مواد البناء. بمعنى أنها فرصة ذهبية للبيع، ومنذ سنتين تقول شركة العقار إنها باعت 60 في المئة من المشروع من دون أن تصرف ولو جزءاً من الأرباح للمساهمين الذين يعدون بالآلاف، ويتوارى مديرها وصاحبها عن المساهمين في مكتبه بأحد الأبراج الشاهقة، فأين الجهات التي رخصت لهذه المساهمة من مساءلة الشركة القابضة لتخفف قبضتها عن رقاب المساهمين؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.