صورة الواقع أن المستهلك لا يجد من يلتفت لحقوقه، فيتبرم ويغضب ثم “يبلع العافية” مبتعداً عن كثرة الصداع ليعود مكسور الجناح، لكنَّ أمامي نموذجاً جميلاً لمواطن كرَّس جزءاً مهماً من وقته، وبذل جهداً معتبراً للحصول على حق من حقوقه، في قضية قد يراها البعض بسيطة لأنها تتعلق بدجاجتين فقط لا غير! لكن بطل قصتنا أراد أن يسجل موقفاً نحتاج إلى تسجيله أكثر فأكثر في مرمى الجهات الرقابية المتنازعة الصلاحيات.
قبل الدخول إلى حكاية المواطن لا بد من إشارة إلى أن بعض المسؤولين يلقون باللائمة على وعي المواطن… المستهلك… المستثمر الخ… وحاجته للتوعية، فانظر في قضية الدجاجتين، ماذا فعلت جهات حكومية مع المستهلك الواعي؟ لا شيء سوى وعود وتسويف والقول بعدم الاختصاص، وهو ما يؤكد ما سبق وذكرته بأن جهات حكومية عدة، هي نفسها، بحاجة إلى توعية بحقيقة أدوارها.
المواطن “م. س”، ذهب إلى احدى الأسواق المركزية واشترى دجاجتين من إنتاج محلي مكتوب على كل واحدة الوزن “900” غرام، وفكر في وزنهما داخل السوق، فوجد واحدة وزنها “825” والثانية “795” غراماً! ربما لو كان الوزن خارج السوق لقيل له “طلع الباقي من بطنك”! المهم انه طلب حضور المشرف المناوب بالسوق وحضر وتم الوزن أمامه، وطلب منه توقيعاً على ظهر الفاتورة، لم يتوقف المستهلك الذهبي عند هذا الحد، بل كتب خطاباً لسعادة وكيل وزارة التجارة للتجارة الداخلية وصورة منه لمعالي وزير التجارة، وأخرى لمدير صحة البيئة في أمانة الرياض، يشكو. وأحيلت معاملته لإدارة مكافحة الغش التجاري، فردّ الموظف بعدم الاختصاص وأخبره قائلاً: “هي من اختصاص أمانة مدينة الرياض، ولكن سنقوم بمتابعة الموضوع لعدم قيام الأمانة بمهمتها”، ولم يقتنع فذهب إلى مدير مكافحة الغش التجاري، وحصل على الجواب ذاته، مع رفض اخذ العينات منه، واتصل على الرقم المجاني “لحمامة” المستهلك، وحصل على الجواب نفسه، فذهب إلى الأمانة فأعادته إلى التجارة، قائلة إنها هي المختصة! ولا يزال المستهلك الذهبي “موسع الصدر”، ويقول في خطابه: “أطلب اتخاذ الإجراء النظامي أو الإفادة، ما الجهة المعنية بمثل هذه الحالات لمتابعة الموضوع معها”.
أكبرت في هذا الرجل إصراره على حقه، وهو نموذج فريد بل قدوة للمستهلكين، أما مكافحة الغش التجاري، فهي خصصت لحماية الشركات من المقلدات فقط لا غير، والدليل أعلاه، والنتيجة تحول المستهلك الباحث عن حقه إلى “معقب”.
ولا يزال الرجل يحتفظ بالعينات، وأرجو ألا ينقطع التيار الكهربائي فتصاب بالعطب، وقد يرى البعض أن قضية دجاجتين لا تستحق كل هذا، لكني اذكرهم بأن هناك من يرى ويتعامل مع المستهلك على انه دجاجة… واحدة!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط