عندما يتحدث المتخصص…

ما زالت الدنيا بخير، نعم… هناك أطباء مخلصون أمناء غيورون على المهنة الرفيعة، التي أثقل كاهلها تجارة الطب وبرودة التعامل من وزارة الصحة، ما زالت الدنيا بخير، على رغم أنني لاحظت على امتداد سنوات عدم تعليق أطباء على الأخطاء الطبية، على رغم أنهم يقرأون، هذا ما دار في ذهني عندما وصلتني رسالة كريمة شجاعة من  الدكتور أيمن الجزائري، وهو المتخصص، معلقاً على قضية سمية، ولأن الرسالة متخصصة في قضية وفاة طفلة بريئة أنشرها كاملة (لقد تألمت عند قراءة مقالك عن الطفلة “سمية” التي توفيت نتيجة خطأ طبي فادح. ونشرت جريدة الاقتصادية تحقيقاً بعنوان: (طبيب “سمية” يعترف بارتكابه “خطأ فنياً” أثناء مباشرة حالتها) في عددها 5062 الصادر الثلثاء, 8 شعبان 1428هـ، الموافق 21/08/2007. ونظراً لوقوع هذه الحادثة في مجال تخصصي، أحببت التعليق عليها لتوضيح الأخطاء المهنيّة التي ارتكبها الطبيب المعالج من خلال ما نشر، ومع غياب بعض التفاصيل، ما يدل على وجود أخطاء واضحة تتمثل في:
أولاً: إن إجراء جراحة من غير الحصول على موافقة خطية يعد إخلالاً خطيراً بأخلاقيات مهنة الطب.
ثانياًً: إنه من الواضح عدم إلمام الطبيب بمبادئ الجراحة عند الأطفال، حيث أن التخدير الموضعي لا يستخدم في هذا العمر نظراً لحركة الطفل الدائمة، وعدم تعاونه، ما يزيد من صعوبة الجراحة وبالتالي خطورتها.
ثالثاً: إن حدوث سكتة قلبية خلال دقائق عند الأطفال يعد أمراً نادراً جداً، والغالب هو حدوث هبوط تدريجي في الدورة الدموية ناتج عن زيادة في جرعة التخدير، أو النزيف، ولعدم إلمام الطبيب بجراحة الأطفال، فقد تأخر في تشخيص الحالة الحرجة للطفلة.
رابعاً: لا يكفي الطبيب الجلوس بجانب المريض ومراقبة مراحل الوفاة، بل يجب عليه الإلمام بمبادئ الإسعافات الأولية في حال حدوث المضاعفات الناتجة عن الجراحة أو التخدير.
خامساً: إن اجتياز اختبار الزمالة البريطانية في الجراحة العامّة في غياب التدريب اللازم، لا يؤهل الطبيب لإجراء جراحات الأطفال, على سبيل المثال استغرق حصولي على الزمالة في جراحة الأطفال ثماني سنوات، بينما ووفقاً لأقوال الطبيب لزم هذا الجراح 4 سنوات فقط، للحصول على الماجستير في الجراحة.
سادساً: إنه من المؤسف أن يحدث هذا في مدينة الرياض، حيث يتوافر فيها أكثر من 20 جراحاًً في جراحة الأطفال، معظمهم سعوديون ذوو تأهيل عالمي، علماً بأن المستشفى الذي اعمل به يتوافر فيه خمسة جراحي أطفال، ويقدم خدماته مجاناً للمواطنين، وهو قريب من المستوصف الذي قام بمعالجة الطفلة.
د. أيمن بن حسان الجزائري – استشاري جراحة الأطفال، مستشفى الملك خالد الجامعي، الزمالة الكندية في جراحة الأطفال.
واكرر الشكر للدكتور الاستشاري ايمن الجزائري، واهدي هذا الرأي المتخصص المحايد والمهني لمعالي وزير الصحة وهو الطبيب، وصورة لإدارة الرخص الطبية، وصورة لأعضاء اللجنة الطبية التي قال رد للوزارة إنها شكلت، وهو رد يحتاج إلى وقفة أخرى، والله المستعان.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.