قانون الرز

استطاع قانون الرز أن يسحب البساط من آلية العرض والطلب في الاقتصاد الحر، فكان أن وضع حرف الطاء في “خيشة” مثلما يفعلون بقط مشاكس، ورماه بعيداً هناك في الهند وما جاورها، وزرع بدلاً منها حروفاً أخرى لك أن تختار منها ما تشاء! من هنا تحولت آلية العرض و”الطلب”، التي تعلمناها في الاقتصاد إلى آلية أخرى قريبة من آلة “الشيول” الخاصة بجرف الأنقاض، “شيول” يسير بسرعة في اتجاه واحد بفم مفتوح، طالبة من المستهلك “الموجوع” المزيد والمزيد، وقانون الرز ليس قانوناً رسمياً، بل هو من قوانين الأمر الواقع، إذ تم تحويل كيس الرز إلى كيس نقود، ولم يحدث هذا باتصال من نصاب دولي أو باستخدام الزئبق الأحمر بتاتاً، بل تم اللجوء إلى ذبذبات “الجشع”، وهو إذا لم يسد فاه يتحول إلى غول جائع، وعندما وقع قانون الأمر الواقع  تناثرت شظاياه، بعضها سقط على الرؤوس ففلقها، بعض آخر غطى العيون “بالتخييش”، وهو لمن لا يعرفه تغطية العيون للعب على الدقون.
ومن نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، أن الرز يا سادة له بدائل لا تحصى ولا تعد أيضاًً، فهو ليس القضية، وهذه حقيقة، لكنه بقانون الأمر الواقع أرسى موضة “تخييشية” جديدة، عنوانها الرفع  والشلع طاولت كل شيء تقريباً، بهذا القانون أصبح كيس الرز سائباً، ليس  فيه أثر للكياسة، بل تتطاير منه رائحة “التكييس” حتى شعر المستهلك بأنه بلحمه وعظمه من في داخل الكيس.
وإلى وقت قريب كان الناس هنا يتذمرون من رفع الأسعار عليهم عندما يسافرون إلى دول أخرى، بحجة أنهم قادمون من بلاد الأسعار فيها “متوازنة”، وكانوا ينتظرون معاملة بالمثل، فكانت المعاملة في الداخل بأمثال.
يمكن لأي فرد أن يعيش من دون رز، عاش أجدادنا على التمر والماء، وكانوا في صحة نفسية ونقاء فريد، انتشرت بينهم الأمانة والقناعة والإحساس بمحيطهم وناسهم، ليس في نقص الرز أو ارتفاع سعره خطورة بالغة، لكن المعضلة وكرة الثلج هي ما في جوف الكيس والمارد الذي خرج منه، مارد لم يقل “شبيك لبيك الكبسة بين أيديك” بل زعق بصوت أجش قائلاً: “هات… هات”، مستنداً إلى قانون الأمر الواقع. 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.