قهوة وشجرة

تحرص بعض الجهات الحكومية على طرح امتياز استثمار بعض مواقع الجذب التي تقع ضمن حدود صلاحيتها للشركات التجارية، ولا شك في أن تلك الجهات تحرص على الحصول على أعلى مردود من الطرح، لذلك يقام مزاد لهذا الغرض وتقدم عطاءات، ولتكون الصورة أوضح نأخذ أمثلة على ذلك، في بعض المطارات السعودية، خصوصاً صالات انتظار المسافرين، تطرح خدمات التموين على القطاع الخاص ليستأثر بالامتياز، وربما تكون هيئة الطيران المدني، مقابل منح هذا الامتياز، حققت رقماً كبيراً، إلا أن الأصل يكمن في أن تقدم تلك الخدمات للمستهلك أو المسافر هنا بسعر معقول ونوعية جيدة، وهو ما لا يحصل عليه المستهلك خصوصاً في مطاري الملك خالد في الرياض والملك عبدالعزيز في جدة، وفي طرح سابق كانت الإجابة التي تصل من الجهات المعنية عن التساؤلات تقول إن الأسعار مماثلة لدول غربية، ولا ينظر في اختلاف دخل الفرد بين تلك الدول وبلادنا، وبعض الردود الرسمية على الشكاوى من ارتفاع الأسعار تجيب بأنها مشابهة لشركات مقاهٍ مشهورة وسط المدينة  أسعارها مرتفعة! ولا ينظر ألا احد يذهب إلى تلك المقاهي مرغماً مثل المسافرين في المطارات، والواجب أن ينظر في حقوق المستهلك قبل النظر في قيمة العطاء، ومهما كان الرقم كبيراً الذي تحققه الجهة الرسمية، فإن من يدفعه في النهاية هو المستهلك، خصوصاً أنه ليست لديه خيارات أخرى في المطارات، اللهم إلا أن يحضر معه “مطارة”! ومع استمرار تأخر الرحلات لساعات طوال لك أن تتخيل أوضاع المسافرين .
التجربة الثانية التي ثبت عدم نجاحها هي تشغيل الحدائق العامة، إذ قامت أمانة مدينة الرياض بتمكين بعض المستثمرين من استغلال بعض الحدائق بعد طرحها في مزادات، وكانت النتيجة أن الحدائق تحولت إلى أحواش لألعاب الحديد، وصارت علاقة الأطفال بالحديد أعمق من علاقتهم بالخضرة والشجرة، مع تضرر الرقعة الخضراء، وقيل إن تكاليف الصيانة كانت اكبر من الفائدة، ويظهر لي أن الأمانة أوقفت استمرار العمل  بهذه الفكرة، والله اعلم، لكنها مع تضرر بعض الحدائق ما زالت تقوم بقطع الأشجار والنخيل من الطرقات والشوارع، التي صرفت عليها مبالغ كبيرة طوال عقود، والسؤال الذي اعترض أمامي مع استمرار قطع الأشجار يقول، لا بد من أن لتلك الأشجار المقطوعة بنداً  للصيانة تم اعتماده، فكيف ستتم الاستفادة منه هل بتشجير جديد أم بقطع المزيد والخاتمة انه يجب التفكير في المستفيد “أو المحتاج” النهائي عند طرح المزادات الحكومية مثل ما ذكرت، لأن ظهره هو من سيتحمل الكلفة النهائية، فكروا في المستهلك حتى لا يهلك.
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.