الإنتاج والانتماء

هناك سمة صبغت اليوم الوطني في السعودية لهذا العام، وأرجو ألا تتحول إلى ظاهرة مستقبلاً، أقول هذا حذراً من أن ينجرف الاحتفال باليوم الوطني والاحتفاء به والتذكير بأهمية الحفاظ على مكتسباته إلى دائرة التجاري… الاستهلاكي، نموذج على ذلك يمكن قراءته من خلال الزينات والطلب من الطلاب والطالبات إحضار أعلام سعودية إلى فصولهم الدراسية، من جانب يعلم الجميع أن بين الطلبة من لا يستطيعون مالياً إحضار أعلام، وسيشعرون بالنقص أمام أقرانهم، وكنت أود أن اقترح أن يطلب من مجموعات من الطالبات والطلاب، القيام بخياطة علم السعودية وخريطة الوطن، لنصطاد عصفورين بحجر، نعلمهم الخياطة ونحفر في قلوبهم تضاريس البلاد، إلا أنني تراجعت عن هذا الاقتراح لعلمي بأن دكاكين خدمات الطالب تقوم بكل المهمات عن المعلمين والمعلمات والطلبة والطالبات، لذلك ترى أعدادها في الشوارع يفوق المدارس، هنا نحن نقوم بتربية أبنائنا وبناتنا على الاستهلاك… نجعلهم عالة أخرى، مهمتهم الوقوف طوابير أمام دكاكين ليحصلوا على المنتج والكل يعلم من قام بإنتاجه، ومع ذلك يحصلون على درجات عليه! ماذا يمكن أن يزرع في وجدان النشء من وضع مثل هذا؟ كل شيء يمكن شراؤه بالنقود. والأخطر من هذا أنهم يرون بأنفسهم أن المدرسة “حضن التربية” تعطي مشروعية للتزييف والانتحال بموافقتها على “عمل الطالب” الذي لم يقم به، بل ربما تحاسبه إذا لم يؤده بتلك الصورة! ونتحدث عن مخرجات تعليم لا تعرف قيمة الإنتاج ويتهمها البعض بضعف الانتماء؟ هنا فتش عن نوع التربية وماهية التعليم. ونشأة دكاكين خدمات الطالب مماثلة لنشأة مكاتب الخدمات العامة، كلاهما صورة من صور التسويغ لعمل تجاري يستهدف المجاميع، يمكن دفع المشترين لها بتعميم أو أمر من داخل المدرسة، هذه الدوائر الوسيطة التي لا تنتج سوى أجيال من العالة الاجتماعية ماذا ستفعل للوطن يا ترى؟ ولا أجد في إصلاح هذا الأمر من وزارة التربية والتعليم صعوبة تذكر، الحل متيسّر وسهل، وهو أن تكون أعمال الطلبة والطالبات داخل المدارس لا خارجها، وتحت إشراف فريق التعليم. من هنا سيكون الاحتفال باليوم الوطني أكثر إشراقاً، وسيعلم الجيل الجديد أن هذا “الوطن” المترامي الأطراف الذي يستظلون بظله، مفتخرين بالانتماء إليه، لم يكن ليكون لولا أن وفق الله تعالى الملك الموحّد عبدالعزيز ورجاله – رحمهم الله أجمعين – إلى أن يعملوا بأمانة وإخلاص بالدم والعرق، حتى وقف كياناً شامخاً يحتاج منهم للحفاظ عليه إلى مزيد من العمل بأمانة والإنتاج المخلص.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.