العراق ورطة أم خطة؟

إذا سمعت أو قرأت عن اهتمام الحكومة الأميركية بحقوق الإنسان لا بد أن تتعجب من ازدواجية المعايير، هناك اهتمام كبير وهنا تفريط مخجل، الاهتمام بحقوق الإنسان والحريات داخل أميركا لا يصدّر إلى خارجها، في العراق على سبيل المثال يتم التعامل مع الشعب وحقوقه تعامل أسوأ المستعمرين، قتل أفراد من الشعب العراقي بأيدي جنود الجيش الأميركي خبر قديم، حوادث كثيرة دائماً ما يشار إلى انها “حادثة فردية”، ربما يجري تحقيق في حادثة أو اثنتين بحسب أثر تسرب الحادثة في الإعلام الأميركي ومستوى الاهتمام، وآخر مهزلة مضرجة بالدماء  تبلورت في تداعيات ما اقترفته أيدي مسلحي شركة بلاك ووتر، وكانت الذروة في ذلك الخطاب القوي لرئيس وزراء العراق وإعلانه إلغاء تصريح الشركة ثم تأكيد الحكومة الأميركية أن التصريح ساري المفعول بقولها إن عقد الشركة ما زال قائماً، من هنا تعلم من يحكم العراق ويديره، مهما كانت المسميات، ومن المسؤول عما يحدث هناك، ومن هنا تعلم صورية الانتخابات والديموقراطية… ومعها السيادة، والنتيجة أن الجلاد  هو من سيقوم بالتحقيق مع حراسه، ومن النماذج الصغيرة يمكن لك أن تعلم ما حصل.
يروي لي صديقي العراقي ما حصل لمنزل أحد أقربائه في حي الشرطة في بغداد قبل فترة قصيرة، المنزل مقفل وفارغ من سكانه الذين تحولوا إلى لاجئين في الخارج لكنه لا يزال يحتوي على ممتلكات وحاجيات عائلته الشخصية، هجم الجنود الأميركان على المنزل الفارغ وحطموا بابه ثم عاثوا فيه فساداً واليد الأميركية تطول، ولا يعرف ماذا اخذوا منه، وبعد أن فرغوا من زرع الفوضى في المنزل الهادئ تركوه مفتوحاً وغادروا، فأصبح مرتعاً للصوص والحرامية يعيثون فيه فساداً وربما يشكرون جنود المحتل، هذه الحادثة الواقعية من دون شك لا ترقى لحوادث القتل اليومي بالتفجير والاغتيال التي لم تترك النساء والأطفال، وتضيع الدماء بين فرق الموت والقاعدة والطائفيين والمحتلين، لكنها صورة صغيرة لما حدث في العراق من المحتل، بعد تحطيم الجيش وتسريحه مع حرس الحدود فُتحت أبواب الدولة العراقية على مصراعيها لمن يأتي بالطائرة أو متسللاً من الحدود، فكان ما يحدث الآن عن رؤية وتخطيط لا عن ورطة كما يصورها البعض.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.