لا أخفي على القارئ الكريم أنني كنت أرغب في الاسترسال في الكتابة عن “تغليب المصالح”، لكنني أُغلَّب مصلحة أهم الآن مع الحفاظ على الأولى إلى حين.
مشكوراً أرسل لي أخ عزيز تصريحاً لصاحب الرسم الأخير الذي حاول فيه الإساءة للرسول الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وهو النحات غريب الأطوار – كما وصفته وكالة الأنباء – لاري فليكس السويدي الجنسية، قال فيه إنه سيستفيد من “ردود الفعل على رسمه كمادة لعمل غنائي وأدوار بارزة تجسد رئيس وزراء إيران ورئيس وزراء السويد وعناصر تنظيم القاعدة”، وبعد أن أكد انه غير نادم على ما فعل، قال: “أفكر بعمل غنائي، فذلك سيساعد على قلب الأمور”، وختم تصريحه بقوله: “إن على المسلمين المقيمين في الغرب أن يعتادوا على الرسومات المهينة لرموزهم الدينية، لأننا هنا في الغرب نهزأ بكل شيء… كما أنني أعتقد أن المسلمين سيتفهمون أن هذا هو النظام السائد هنا، وهو ليس ضد المسلمين… إنها فحسب مسألة المبدأ الذي يمكّننا من الإساءة للأديان عموماً”. انتهى.
من الواضح أن النحات الغريب الأطوار نَِهمٌ للاستفادة حتى آخر قطرة من الشهرة السيئة التي هطلت عليه، وأسهم بعض المسلمين في تأجيجها بردود فعل غير مدروسة، بل مشتتة، من سياسيين وجمهور. وهو هنا يستثمر صورة رئيس وزراء إيران في الغرب وتنظيم “القاعدة” ليروّج لنفسه مرة أخرى. وما يبعث على الاهتمام قوله: “لأننا هنا في الغرب نهزأ بكل شيء”، فما دام الأمر كذلك، فلماذا لم نر لك أعمالاً تهزأ فيها بـ “الهولوكوست”… (المحرقة النازية) وتضخيمها والحلب الذي مارسته الصهيونية العالمية طوال عقود لأمتك الأوروبية، ما دمت تقول إنكم تهزأون بكل شيء؟ ولماذا لا نرى لك أعمالاً تهزأ بالصهيونية وعنصريتها، وتشنع بما تفعله حكومتها في أبناء الشعب الفلسطيني منذ عقود؟ أم أن هذا هو الخط الأحمر الذي لا يمكن أن تتجاوزه الحرية الغربية المزعومة؟ وفي مقالات سابقة أوردت نماذج حديثة على ما جرى لرئيس تحرير مجلة ألمانية، تمت إقالته لأنه كتب مقالاً على شكل رسالة لبابا الفاتيكان، وصحيفة إسبانية تم سحبها من الأسواق لأنها تعرضت لولي العهد الإسباني، ولم يتحدث أحد عن الحرية المنتهكة لا في ألمانيا ولا في إسبانيا، وحتى لو فعل النحات الغريب الأطوار ذلك، وهو لن يستطيع بل لا يجرؤ، لا يمكن للمسلمين الصمت على ما اقترفته يداه بحق خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم، وهو لا يريد أن يفهم ذلك، لكنها إشارة إلى أن حريتهم تتمدد من دون حدود في اتجاهنا وحدنا، لا غير.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط