غريب الأطوار (2من 2)

قبل أشهر التقيت في الرياض مدير المعهد السويدي في الإسكندرية السيد ان هنينجسون، وعلمت منه خلال اللقاء أن المعهد مدعوم من الحكومة السويدية والاتحاد الأوروبي، وهدفه التقريب الثقافي بين العرب والأوروبيين. والسيد يان رجل مثقف دمث الأخلاق يعرف ما يريد. أسهب خلال اللقاء في الحديث عن آمال المعهد السويدي وتطلعاته في الإسكندرية إلى نبذ التطرف، وتحسين الصورة بين العالمين العربي والأوروبي. وتحدث عن عدد من اللقاءات جمعت بين مثقفين أو متخصصين من العرب والأوروبيين بدعوة من المعهد. من هنا اسأل السيد مدير المعهد عن دوره في لجم النحات الغريب الأطوار وتياره المتطرف، والهدم الذي تمارسه مثل هذه الأفعال لجهود المعهد.
والمعهد هنا، كما يظهر لي، نموذج للجهود المتزنة، وهو مع العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية بين الحكومات العربية والأوروبية عرضة للتخريب. ولجم هذه التيارات المتطرفة الأوروبية واجب على تلك الحكومات. النماذج السابقة في مقال امس، تشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن لدى الحكومات والمؤسسات الأوروبية الإمكان لفعل شيء، بدلاً من الهروب إلى الأمام، بدعوى حرية التعبير. والحقيقة أنها حرية الشتائم وتدنيس المقدسات. وهي ليست من الحرية في شيء، بل إنها ضد التحضر الذي يدعون. من هنا يستغرب المرء اختفاء دور أمانة الاتحاد الأوروبي حول هذه القضية في مقابل قضية الرسوم الدنماركية، فلم نقرأ أو نسمع حساً لمبعوث هذا الاتحاد، وهو ما يجعل المرء يستنتج من دون طول تفكير أن الركض والرحلات المكوكية السابقة إبان قضية الرسوم الدنماركية، كانت لها أسباب اقتصادية بحتة. ولكون ردود الفعل تجاه  إساءة النحات الغريب الأطول لم تتصاعد إلى حد المطالبة بالمقاطعة الاقتصادية، لم يكن هناك اهتمام سياسي أوروبي يرقى لحجم القضية،
أما في ما يتعلق بنا، فقد طمأنني مشكوراً الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي، في رد نشر في “الحياة”، بأن هناك بوادر تنسيق بين الجمعيات وجهات النصرة لنبي الرحمة لتوحيد جهودها، بحيث تعمل وفق خطط مدروسة، وهو ما ينتظر أن يصبح واقعاً له آثار ملموسة، وحتى لا تستخدم مثل هذه القضايا النبيلة أوراقاً سياسية خطابية في يد من لا يجيد التعامل معها، ويجيرها لحسابات آنية، فيتحول إلى نموذج جديد تستخدمه السياسة الغربية، ومعها الصهيونية، بعد سقوط صدَّام، وتلاشي تأثير صورة زعيم “القاعدة”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.