سكريات

أكثر ما يستهلك الناس في الأعياد، الشوكولاتة التي صارت تنافس التمور. ومن المفارقات أن “السكري” اسم لنوع شهير من التمور في السعودية يزداد الطلب عليه حتى من أهل الخليج، وهو أيضاً اسم يطلق على مرض السكر المنتشر بين الكبار والصغار في الخليج وبمعدلات تزايد مرتفعة، منذراً بأخطار مستقبلية مروعة، والتوعية به وعنه لا تتعدى أسابيع تنشط عند الاحتفال بيومه العالمي بعد قرابة شهر من الآن تأتي من باب “مع الخيل يا شقراء”، وهي توعية تمشي على رجل واحدة، في صورة من صور المواجهة العرجاء. قدم أحد الإخوة لضيوف أجانب “خواجات” زائرين للبلاد عصيراً من الأنواع المنتشرة المصنعة محلياً، التي يطلق عليها تجاوزاً عصائر طبيعية، مع صور ملونة للفواكه، فلم يستطع احد من الضيوف استساغته وطلبوا ماء لتخفيف معدل السكر فيه، حتى لو ذهبت إلى محال بيع العصائر الطبيعية ستجد أنهم يضيفون السكر إلا إذا طلبت منهم عدم الإضافة، الأصل هو السكر والجوع للسكر منتشر، وصوت التوعية ضعيف والجمعية المعنية مواردها أضعف، ما زال البعض يعتبر السكر من الغنائم. وإذا أردت أن تطلب فنجان أو كوب قهوة من محال بيع القهوة المنتشرة، فهو سيأتيك سكر زيادة مهما طلبت تخفيف مقدار السكر. السكر لدى العمالة أيضاً من الغنائم، أما إذا اتجهت إلى المشروبات الغازية والقوة أو الطاقة، وكل هذه الآفات العصرية فحدث ولا حرج أنها في الأصل مشروبات السكر مضافاً إليها ماء ونكهة. الشاي لدى بعض السعوديين هو أيضاً ماء وسكر مع شيء من الشاي. ويمكن استثناء سائقي النقل الثقيل، مع أن معظمهم تعرضوا للانقراض، من هنا تجد أن السكر والسكريات تحيط بك من كل جانب، ويتربى عليها أطفالك، أكثر من نصف المجتمع هم من هذه الشريحة أو قريبين منها، ولعل من المضحك المبكي أن بعض تجار التمور يغشون التمر “المكنوز” أي المحفوظ برذاذ السكر، لا ليعطيه حلاوة، بل للتجميل، وكأنه دبس التمر، كما أن بعضهم يغشون هذا التمر بمواد أخرى تعطيه لمعة كاذبة، فإذا رأيت وجه الكيس البلاستيكي للتمر “يلصف” أي يلمع، تذكر أن ليس كل ما يلمع ذهباً، وعلى رغم أن السعودية من اكبر منتجي التمور ومستهلكيها فإنك لن تجد معلومات علمية على عبوات التمور، خصوصاً تلك التي تخبرك عن عدد السعرات والسكريات فيها، مع توافر انواع مختلفة لها الطعم ذاته وربما أخف على المعدة مع مقدار أقل من السكريات وهي التي يجب تشجيع إكثارها واستهلاكها. لن نستطيع مواجهة مرض السكري والسكر يحاصرنا، فلا مواصفات واضحة، وإن وضحت وصدرت لا تطبيق حازم لها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.