توظيف المضحك

هوليوود مصابة بالارتباك والسبب قرار الآلاف من كتّاب النصوص الإبداعية الإضراب عن العمل، والمسبب أنهم اكتشفوا مصادر أخرى تعود بالدخل على المنتجات الإعلامية الترفيهية وهي صناعة ضخمة، يشاركون في إعدادها ولا يصل إليهم شيء من دخلها المتجدد، والأثر تعطل كثير من البرامج الشعبية، وإعادة حلقات قديمة منها، بعضها يتابعه مئات الملايين في الولايات المتحدة. معظم أولئك الكتّاب هم من سريعي البديهة، والحضور الذهني يغوص هؤلاء في الأخبار والحوادث اليومية السياسية منها والاجتماعية، ليخرج الواحد بتعليقات هي مثل حبيبات الملح أو السكر وربما الفلفل، توفر هذه التوابل لمقدم البرنامج، تشكيلة من القفشات تدغدغ الجمهور في الاستديو ومن وراء الشاشة وتضحكهم، منها العميق والسطحي وفيها تعبير عن المشاهد وتمثل الخلطة السرية لتلك البرامج، حتى ان احد اشهر مقدمي هذه البرامج، وأكثرهم دخلاً أعلن عن استعداده للدفع حتى يستمر برنامجه، لكن المشكلة مع المحطات المنتجة. لا يوجد مثل هؤلاء في الإعلام العربي، على رغم اتساع رقعة الفضائيات، فهو قنع بالاستنساخ أو الترجمة، وإن وجدوا فإن أفكارهم أو جهدهم لا يقدر بشيء يذكر. شعبياً وشفهياً، في السعودية مثلاً، يطلق على الواحد منهم “عيار”، هم أشباه لأولئك وإن لم يكتبوا، عيار من المعايرة، قوم تعايروا أي تسابوا، ويختلط ما في جعبة هؤلاء ما بين الغث والسمين، تتنافس عليهم المجالس والاستراحات ، فإذا استثنينا ما لا يصح من التساب والتعايب، خصوصاً ما يتعرض للخلقة والصورة أو الأمور الاجتماعية وهو الشائع، إذا استثنينا من امتهن هذا الاتجاه، يمكن أن نخرج بشريحة مفيدة إعلامياً، مغيبة الآن مع أن البعض يتداول طرفاً ونكتاً صنعها احدهم ، ولا يذكر اسمه. في جانب الحقوق والفضائيات، اخبرني احد الوجوه التلفزيونية المشهورة الجادة، ممن يتصل عليه لأخذ رأيه في شأن يهم جمهور المشاهدين، أن لا قناة فضائية تقدم له مقابلاً مادياً لجهده! وهو أمر شائع بين القنوات الفضائية العربية، فهي تعيش على مجانية المعلقين والمشاركين… أو الضيوف..”معنا هذه الليلة”!، بعض منها يقدم مقابلا مادياً للحبايب من الأولى بالمعروف ويحرم منه الآخرين، وهناك اشاعات طويلة عريضة في هذا الشأن، سألته لماذا لم يطالب فقال إن الحياء يمنعه من ذلك، قلت ألا يستحون من إلحاح الاتصال؟ تعتقد إدارات بعض القنوات الفضائية أنها تقدم الشهرة بالمقابل، في قناعة غير صحيحة، وكأن الكل مهووس بالشهرة! أعود إلى العيارين فهو يضحّكون المجتمع، وقد يكونون في أسوأ حال اقتصادياً إلا بعض منهم قد يتوفر على هدية متى ما وظف قدراته في مجلس احد الوجهاء، ولو طوروا قدراتهم وهو أمر ممكن، في توجيه سليم للموهبة…، لضحك المجتمع أكثر… وأعمق بل ربما أسهموا في النقد البناء الذي يطالب به الجميع.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.