(المسجد والرقابة)

كان المصلون ينتظرون إقامة صلاة المغرب في مسجد صغير جنوب الرياض، ثم لاحظوا أن إمام المسجد توقف يتحدث مع أشخاص بدا من هيئتهم أنهم من المتسولين، شباب في العشرينات من العمر، أحدهم يساعد الآخر على الوقوف والسير. لاحقاً فهم الناس أن الإمام طلب من المتسولين عدم الوقوف أمام المصلين بعد الفراغ من الصلاة، والاكتفاء بالجلوس داخل المسجد جوار باب الخروج، فمن يرغب في التصدق عليهم سيقوم بذلك في طريقه. بعد انتهاء الصلاة أسرع المتسولون بالذهاب، لم يفكروا حتى بالجلوس انتظاراً للمحسنين، وإلى شارع جانبي حيث كانت سيارة أجرة تنتظرهم وفيها أشخاص آخرون.
من النادر أن تجد إمام المسجد يتدخل في مثل هذه الأمور، والحقيقة أني أكبرت هذا التصرف منه. دائماً ما يُقاطَع المصلون بكلام الاستجداء المكرور. وحالياً بعد انتهاء موسم الحج يكثر متسولون من كبار السن كأنهم للتو عادوا من مكة المكرمة، والقصة التي تروى هي نفسها.
تخيل لو أن كل إمام مسجد فعل مثل صاحبنا، إحساس الرجل بمسؤوليته تجاه المسجد والمصلين جعل أولئك إما يصابون بالخجل او توقعوا أن لا «سوق» لهم في هذا المسجد.
والله اني لأعجب من عمالة ضعيفة دخلها بسيط جداً يقوم بعض أفرادها بعد الصلوات بالإحسان لمثل هؤلاء، وأتأثر من هذه المشاهد، وأفكر مثل بعضكم، أين الصواب؟ نعم من الواجب علينا عدم نهر السائل، اقلها تدعو له، لكننا ماذا نفعل بتجار التسوّل وقد علمنا ما علمنا عن عصاباتهم وما تفعل في البلاد اجتماعياً، أقلها إسهامها في أن تكون قلوبنا أكثر قسوة، وقد حذّرت من ذلك غير مرة.
لو كان كل أمام مسجد يفعل مثلما فعل ذلك الإمام لتوفّر لنا «فلتر» يخفف من أعداد هؤلاء ويضيّق عليهم. المحتاج سينتظر ولن تقف له سيارة أجرة بالانتظار والعداد يدور ويدور، أركز على الإمام لأنه أكثر تعليماً ووعياً، لو كان هناك مثل هذا الحضور الإداري للمسجد لما وجدنا استغلالاً بشعاً حتى لدورات مياه النساء حول المساجد، كما فعل عامل الدجاج الميت في حي الشفاء. والقصة حدثت في الرياض، عامل يُهرّب دجاجاً، وسط وباء إنفلونزا الطيور ثم يقتله قتلاً، إذ يقوم بكسر رقبة الدجاجة لتبقى الدماء بالداخل، وفي التفاصيل إثارة أكثر. يحدث هذا في دورة مياه النساء، التي لا يستطيع رجل الاقتراب منها، حيث يجهزه للبيع، وربما تكون التجهيزات متوافرة، فهناك مساجد فيها ثلاجات تستخدم لشهر رمضان. إدارة المساجد في حاجة إلى رؤية جديدة متقدمة تتعاطى مع المستجدات السلبية. أما العامل فقد سُلّم للشرطة، والناس تتساءل عن ماهية العقوبة التي تنتظره مع من كان وراءه. من حقنا أن نعلم حال الانتهاء من الإجراءات.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على (المسجد والرقابة)

  1. نواف كتب:

    صراحة كلام واقعي و اتمنى من جميع ائمة المساجد ان يكونوا اكثر واقعيه من ناحية مكافحة التسول و ايضا جعل خطبة الجمعه اكثر قرباً للواقع و مناقشات حاجات و مشاكل المجتمع… لقد سئمنا من الخطب المكرره

  2. سامي خياط كتب:

    بالفعل كلامك صحيح – معظمهم إن لم يكن جميعهم مجرد تجار للتسول وتجد أن أحدهم يحصل على مبالغ كبيرة من سؤال الناس ولا يكف عما يفعله وكأنه صار عمله اليومي. والغريب في ذلك كما قلت أنك تجد عاملا بسيطا وذا دخل أقل من المحدود يتصدق عليهم أيضا. والقصة كما ذكرتم مكرورة ومختلقة وحتى يصطنعون العاهات او يتظاهرون بالمرض والعجز.

  3. ابوراكان كتب:

    خلاص انتهى الاعتماد على دور الدوئر الحكوميه وجاء دورنا
    لااحد ينتظر مراقب بلديه ولا مراقب تسول ولامراقب وزارة التجاره..
    جاء دور امام المسجد ورواد المطاعم والمتسوقين…للمراقبه..
    نحن المسؤلون عن انفسناء وياقلب لاتحزن

التعليقات مغلقة.