ذكية أم غامضة؟

نشرت الصحف أن «رئيس قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات مدير مكتب المدن الذكية» في الهيئة العامة للاستثمار السعودية، ألقى محاضرة في مدينة الخبر، بعنوان «المدن الذكية في المملكة».
أظن… أن الذكاء يستلزم الثقة بالنفس لتكون الأخيرة أكثر شفافية، أقصد الذكاء الإيجابي، فإذا كانت المدينة ذكية فلا بد من أن تكون واثقة بنفسها. من هنا يُستغرب أن يشوب معلوماتها غموض، وما دامت الهيئة العامة للاستثمار قد اعتمدت مصطلح المدن الذكية فيمكن نسخ المسمى على الاستثمار الأجنبي، لتصبح الاستثمارات الأجنبية الذكية!
ولنبدأ بالمدن الاقتصادية… الذكية.
قال المحاضر إن شراء أراض فضاء «للمدن الاقتصادية» خفض كلفتها 40 في المئة. حسناً، هل من الممكن أن يخبرنا بسعر الشراء، ثم سعر «حسابه» للبيع على المكتتبين في أسهم ما طرح من هذه المدن لنرى مقدار الخفض في الكلفة وعلى حساب مَنْ كان؟
أشار المحاضر إلى أن «الهيئة» تخطط لثلاثين عاماً مقبلة لتنويع مصادر الدخل الخ… والسؤال لماذا خططت الهيئة بمعزل عن جهات حكومية معنية أساساً بالتخطيط؟ فهل هو عدم ثقة بقدرات هذه الجهات؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا لا نصاحب الذكاء شفافية ويعلن عنه!
أعلن المحاضر أن الجهات المعنية ببناء المدن… الاقتصادية تسعى لجلب أيدٍ عاملة ماهرة من الخارج لمدة معينة، ثم تدريب الشباب السعوديين لإحلالهم لاحقاً.
وما دمنا في «طاري» الذكاء، وإذا تذكرت الفترة الزمنية التي انقضت على وضع حجر الأساس لأول مدينة اقتصادية، ومدة التخطيط قبلها وأن بنيتها الإسكانية ستنتهي، بحسب المحاضر، بحلول عام 2009، يحق لنا أن نتساءل عن أسباب عدم التخطيط لتدريب الشباب منذ ذلك الوقت… الطويل. تذكّر عزيزي القارئ أننا نتحدث عن مدن ذكية تتطلع لثلاثين عاماً مقبلة!
قلت إن الذكاء يستلزم الثقة بما لدى من اتصف به، والهيئة دائماً ما تعلن عن «تحقيق ميزة تنافسية للبيئة الاستثمارية في السعودية وجذب استثمارات أجنبية تخلق فرص عمل وتحسّن المستوى المعيشي للأفراد».
وهي أيضاً تعلن كل فترة عن أرقام كبيرة جذبتها للاستثمار في الداخل، حسناً، لماذا لا تخبروننا تفصيلياً عن القطاعات الاقتصادية التي تم الاستثمار فيها، وعدد الفرص التي «خلقتها» ومن استفاد منها؟ وهل هم على رأس العمل؟
لماذا تبقى مثل هذه المعلومات حبيسة الأدراج، على افتراض توافرها؟ وهل هذا من الذكاء في شيء أم انه إلى الغموض أقرب؟
ومن الذكاء أيضاً منع نشر إعلانات المدن «الذكية» التي تعتمد على رسومات ولوحات، تخيلية، ملونة جميلة ابتكرتها رؤية المصمم أو شركة الإعلان! في حين أنها لا تصوّر أو تمثل حقيقة الواقع… الترابية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على ذكية أم غامضة؟

  1. أبو مساعد كتب:

    أنا سأطلق على عمودك في الجريدة باسم ” العمود الذكي ”
    لا شُلّت يمينك يا أستاذ عبد العزيز والله يديم هالقلم نبراس للحق ..
    تحياتي لك

  2. عبدالرحمن القرني كتب:

    ….لماذا تبقى مثل هذه المعلومات حبيسة الأدراج، على افتراض توافرها؟
    اصلاً مافيه معلومات او تحديث للبيانات
    ذكية… ذكريا

التعليقات مغلقة.