الساكن في مدينة الرياض تعوّد أن يجد دكاناً مفتوحاً ومطـــعماً ينـــتظره في أي وقــت، هذه العادة يبدو أنها في طــريقــها للانقراض مع تطبيق نظام جديد.
قبل أيام حدثني أحد الأصدقاء ممن يستلزم عملهم السهر إلى ما بعد منتـــصف الليل أنه عاد إلى منزله الساعة الثانية فجراً، أخذ العـــشاء الدســـم الذي حفــــظته زوجته في الثــــلاجة ليضعه بالمايكرويف، انتظر دقائق ثم حاول فتح المـــايكرويف من دون جدوى، أصر الجهاز على الاحــــتفاظ بالوجـــبة الدسمة… حتى المايكرويف «يهنــــق»، ولأن المــثل الشـــعبي يقول: «مقابل الجيش ولا مقـــابل العيش»، مع رؤية المتاح المفـــقود، ضـــرب مؤشر الجوع لدى صـــاحبنا نسبتين إلى أعلى. هنا لا تنفع «التصبيرة». لا تكفي تفاحة أو علبة زبادي… النفس تصبح أسيرة لما منيّتها به فكيف إذا رأت بعينها وشم أنفها! كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف فجراً، ركب سيارته وجال شوارع الرياض بالطول والعرض يبحث عن مطعم، وأسقط في يده، لا يوجد مطعم مشرَّع الأبواب. سأل صاحبنا الجوعان ســـيارة دوريـــة عن أقرب مطــــعم، قائلاً إنه جـــوعان! ردّ عليه رجل الأمن: «أربعين كيلومتراً على طريق الشرقية»! عندها انخفض مؤشر الجوع أربعمئة نقطة.
المناوبون في العمل ومنهم صحافيون هم أكثر الناس سهراً، بعضهم يفوّت وجبة الغداء لئلا يصيبه الخمول عن العمل… مع أمل بعشاء دسم، الآن مع التنظيم الجديد «ضع السندويتش في جيبك».
مما عرفته أن النظام الجديد يسمح للأسواق المركزية وما في محيطها بالعمل 24 ساعة، أما المطاعم الأخرى ففي الأيام العادية إلى الساعة الثانية عشرة، وفي ليالي الخميس والجمعة إلى الثانية فجراً، غيرها يلتزم بالإقفال في الثانية عشرة.
تنظيم إقفال المحال المتناثرة أصبح حاجة ملحة، مع اتساع المدن، هناك حاجة اجتماعية واقتصادية وأمنية للتنظيم، بل أن بعض المحال لا يستحق أن يسمح له بالعمل إلى منتصف الليل. خذ على سبيل المثال محال الخردوات المنتشرة، أو أبو ريالين وكل شيء بعشرة سابقاً، وكذا دكاكين الصيانة. المقياس في تقديري هو الحاجة.
لا بد من أن هناك شكاوى قدمت، هناك من تعود على فتح الأبواب كل الوقت، وبنى خططه على هذا الأساس. وكل نظام جديد سيــــجد له معارضة من أصحاب مصالح يرون أنهم تضرروا، لكن الأهم هي المصلحة العامة.
بل أن الحالة الأمنية والاجتماعية مع تطبيق النظام سترى إيجابيات.
أعود إلى صديقي الجائع، حيث اقترح تخصيص شارع للمطاعم المفتوحة يسمى «شارع الجوعانين»، ربما كانت حالة الجوع والدوران التي أصابته وراء الاقتراح، لكن إعلان التنظيم وإشهاره بوضوح سيجعل الناس تتفهم، فيتم «التقليط» والأكل مبكراً.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
حلوة بعض المحال
المحااااال : جلست افكر فيها وتمنيت ان لسان العرب لإبن منظور عندي ابشوف لها موطىء قدم :)
ادري تقصد محلات :)
بس التنظيم هذا مطلب
والإستثناءات مثل صاحبك لا يبنى عليه امن البلد
ليتهم يصكون المحلات من بعد العشاء بساعة
ولا عزاء للجواعى
مقال جميل من جميل !
انا تاجر ومع ذلك انا مع هذا القرار الاكثر من رائح
وفقك الله يا عبدالعزيز انت وصالح الشيحي
نردد كثيراً كلمة .. (جوعان) ولأنني لااجيد قواعد اللغة ، كنت اتسأل دائما هل هي صحيحة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مقالك جعلني ابحث ………. وتوصلت للأتي:
يقال : رجل جائع ، وفى زيادة المبالغة يقال : جوعان ، وكأنه يقول هو الجوع ذاته الذى نشعر به،، فالكلمات التي تنتهي بالألف والنون هنا ليست صفة بل هي ذات الصفة التى نشعر بها
ولكن صديقك في تلك الليلة بالغ مبالغة اكبر من زيادة المبالغة !!!
ولك كل التقدير