اتخذ العرب خيار السلام، وأعلنوا هذا للعالم أجمع في أكثر من مبادرة، آخرها مبادرة عربية حظيت بإجماع أعضاء الجامعة العربية، وما زالت معروضة على الجانب الإسرائيلي. رفضت الدولة الصهيونية المبادرة، واستمرت على نهجها العدواني المتغطرس. وفي مقابل هذا الموقف العدائي استمر العرب في عرض المبادرة، وقيل إن المشكلة في طريقة تسويقها، فحزمت الوفود العربية حقائبها لشرح المبادرة وتسويقها في الغرب والشرق من دون فائدة، اللهم إلا من تصريحات غربية وحتى إسرائيلية مقتضبة تصدر بين فترات تطول، ليس لها هدف سوى الامتصاص والمناورة السياسية.
أعلنت الدول العربية مراراً ان السلام هو خيارها الاستراتيجي من طريق المفاوضات، فيما الجانب الإسرائيلي المدعوم بالولايات المتحدة قادر على تحييد أطراف عربية بينها فلسطينية، باتفاقات تنفذ منها ما تريد إسرائيل، لأن العرب بوضعهم الراهن لا يشكلون خطراً عسكرياً على الدولة الصهيونية، والنتيجة ان هذه الدويلة ليست معنية بتقديم ما تراه تنازلات.. ويراه العرب الحد الأدنى من حقوقهم.
لن تقدم دولة أنشئت بالعدوان والبطش تنازلات لجانب لا يملك الأدوات والوسائل لتحقيق أهدافه، إنه الجانب الضعيف، وربما ترى إسرائيل صورة من صور ضعفه التزامه المستمر بالسلام مع كل ما فعلته وتفعله من جرائم حرب في فلسطين ولبنان، واعتداءات على سورية كلما رغبت في ذلك.
ربما كسبت الدول العربية ديبلوماسياً في إصرارها على السلام لكن هذه المكاسب لم تحقق شيئاً على أرض الواقع، كما لم توقف الاعتداءات، وهو الحد الأدنى المفترض تحققه. فحال الحصار والقتل والعدوان مستمرة وصارت نوعية وأحدثت مزيداً من الشروخ في الصف العربي، بل أصبحت عنصراً لمزيد من تفكيكه لتشغله بنفسه.. والمجال العربي مفتوح للعدوان الإسرائيلي كل يوم.
هذا الواقع المرير، وبعد فترة طويلة من طرح مبادرة السلام العربية، يحتّم إعادة النظر في استمرار عرضها المفتوح. فهي أثبتت للعالم أجمع رغبة الدول العربية في السلام وسعيها إليه، إلا أن جعلها مفتوحة، لا حد لوقت قبولها، استغله الجانب المعتدي في الممانعة والإهمال لها.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
فرق بين السلام و الانهزام
قادة العرب (الذين لم نخترهم لقيادتنا, لكنهم “ملزمين علينا”) لا يريدون حل القضية. هم يريدون استقرارهم و أينما وجدوه سيسعون إليه.. ظنوا أن الانهزام و الانبطاح لإسرائيل سيفيد لكنهم أخطؤوا في الظن و ما زادوا سجلهم إلا سوادا.