مولدات الكراهية

جزء مهم أساسي من أسباب تعاسة العربي مرده إلى حال فلسطين وشعبها. عقود من التعاسة المتراكمة، وجزء من تعاسة الفلسطيني سببه أحوال الدول العربية وخلافاتها، والفلسطيني في غزة الآن هو الاكثر تعاسة. يعيش واقعاً مريراً، إذ وقع بين اكثر من فك وأنياب وآلة حرب متوحشة، تلون الفصائل والمنظمات الفلسطينية لم يحقق ثراء ومزيداً من القدرات، سعياً للحصول على الحقوق المسلوبة، بل ادى إلى تشرذم مشابه للتفكك العربي. كثرة العرب دولاً وشعوباً لم تتحوّل إلى مصدر قوة، بل إلى ثغرات ضعف، والكلمات لا يمكن ان تصف ما حدث ويحدث في غزة، جرائم حرب، توحش، شلالات الدماء، شهوة القتل والنسف، الظلم بأبشع صوره، كل أشكال التضامن، الصوتية منها والفعلية، وما تبعها من قرارات دولية لم توقف آلة القتل الاسرائيلية، لأن خيار السلام ليس وارداً في الاجندة الإسرائيلية، هذه حقيقة ناصعة، وهي الآن تتلاعب على تناقضات عربية وخمود همة وإرادة دولية.
الدولة الصهيونية بارعة في العقاب الجماعي، هي لا تستثني أحداً بل تزايد، وعندما يعترف رئيسها «بيريز» بقتل الاطفال الفلسطينيين، يرفق الاعتراف بجملة: «ان إسرائيل قادرة على حماية أطفالها»، وهي رسالة لكل العرب تقول: «هل انتم قادرون على حماية اطفالكم؟»، وميزان القوة والقدرة في مصلحتها. تسعى من دون كلل أو ملل إلى استمرار تفوقه النوعي، وبينه وبين قدرات العرب وهمتهم مسافات، ثم يأتي الدعم من رايس، لتقول انه لا يمكن تجنب قتل المدنيين. السياسة الأميركية جاهزة للدفاع من دون حياء، يصبح هدم المنازل على الامهات والاطفال دفاعاً عن النفس، وتجهّز حمولات جديدة من الذخائر، لترسل إلى جيش «الدفاع» الهجومي.
لم تتحوّل الدولة الصهيونية إلى مولد ضخم لتوليد الكراهية للسياسة الخارجية الاميركية وللأميركيين فقط، بل تحوّلت إلى ماكينة ضخمة، تنتج مزيداً من الكراهية لليهود انفسهم، لا لدى شعوب المنطقة فقط، بل لدى شعوب العالم.
المستغرب هو خفوت صوت الرفض اليهودي لما تفعله إسرائيل، على رغم شناعته، وعلى رغم ما قيل عن معاناة اجيال سابقة منهم من الظلم والقهر. ومع ان العقل يدفع الفرد منا للتفريق بين اليهودي والصهيوني، فالأخير تمثّله دولة إسرائيل ومن يقودها، وعلى رغم هذا، فإن الفعاليات الاقتصادية والمالية والاعلامية اليهودية عالمياً، وهي قوية ومؤثرة، لا يظهر منها صوت رافض مقنع، بل ترى عكس هذا بالدعم الاعلامي والاقتصادي، وتشكيل قوى الضغط لمزيد من الدعم.
الدولة الصهيونية في الواقع هي الخطر المحدق باليهود في العالم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على مولدات الكراهية

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    الجهود التي تبذلها الدولة في عشرة سنين لمكافحة الارهاب وتحسين
    العلاقات وتصرف ملايين الريالات تضيع في تصرفات رعناء وهمجية وبعدين يقولوا ليش الارهاب انتشر الله ينتقم منهم على اللي قاعدين يسووه في اهل غزة الضعوف .

  2. سليمان الذويخ كتب:

    لنكن واقعيين يا اخي
    اهل غزة بل والفلسطينيون عموما ما هم الا ضحية لنوعية معينة من السلطة
    الرئيس مغاير في سياساته وتوجهاته وانتمائه وايديولوجيته لرئيس الوزراء
    كيف بالله ترى الوضع ؟
    مشكلة رئيس الوزراء انه بالفعل جاء عن طريق قناعات الناخبين
    ولكنه احضر معه نوتة معزوفة الخطابات الثورية ..
    نسي اننا في عصر المفاوضات من جهة والقمع الدولي المستكبر على الناحية الاخرى
    يا جماعه هل يعقل ان اواجه جحافل مدججة بالسلاح والدعم من الأم الكبرى للصهاينة .. واواجههم بأجساد العزل؟
    اليس هذا هو المخاطرة بأرواح الأبرياء؟
    كم من جنود الحكومة او الفصائل قتل .. وكم من الابرياء قتل ؟!!
    احقنوا الدماء وبلاش العنتريات
    والله ما تنفعكم لا ايران ولا غيرها ولا الحزب الذي صرح بعد ان دكت اسرائيل البنى التحتية في لبنان بأن هذا نصر للبنان !!!
    لا اله الا الله كم نحن نعشق الهراء ونرفض ترك مجالا للعقل ولو مرة واحدة!

    فلسطين انت ذنبنا الذي لم نتب منه وسيقول المزايدون ليتنا تبنا قبل ان نأكل تبنا!

التعليقات مغلقة.