الروح الجامعة

قدّم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نموذجاً فريداً في القيادة واستشعار المسؤولية تجاه الأمة العربية. ترفّع عن الخلافات. وضعها خلف ظهره، مع أن ما طال السعودية قيادةً وشعباً منها وتداعياتها ليس بالأمر الهين ولا السهل. اتّسمت وقفة الملك عبدالله بخطابه أمام قمة الكويت وما أعقبه من فعل ينسجم مع مضامينه، بدعوة الفرقاء العرب للجلوس على طاولة واحدة مع حسم جاء مؤكداً لا يقبل الشك في الخطاب، ترافق هذا مع تبرع هو الأكثر سخاء. اتسم هذا الموقف النابه بالروح الحاضنة الجامعة لشتات العرب، من دون مزايدات. وضع الملك عبدالله العرب أمام مسؤولياتهم، وبدأ بالفعل، ولم يكتفِ بالخطابات الرنانة.
ولا تستغرب هذه الوقفة العربية من الملك عبدالله. الواقع أن هذا هو جوهر السياسة السعودية وما ترتكز عليه من ثوابت. أمام الطرف العربي الآخر الآن مسؤولية تاريخية تجاه الأمة العربية عموماً والفلسطينيين خصوصاً، في الاستجابة الفعلية لمبادرة توحيد الصف الجديدة. المشهد العربي ينتظر منهم ما يقدمونه. هذا أوان الفعل المسؤول.
في جانب آخر يأتي دور مصر العربية، التي يُنتظَر منها الترفع فوق الجراح، حيث تم الاستعداء والمزايدة عليها إعلامياً بما لم يسبق له مثيل. المطلوب إعادة صياغة الموقف المصري تجاه «وظيفة «الوساطة بين الفلسطينيين والدولة الصهيونية. إن دور مصر وثقلها العربي تعرضا للخدش بسبب التوظيف الأميركي – الإسرائيلي لدور الوساطة هذا، بل إنه أدى إلى تحييد سياسي لها مثلما حيدت «اتفاقية كامب ديفيد» حضورها العسكري. هذا التحييد خفّض من سقف حركة السياسة المصرية في المشهد الدامي، ورفع من أصوات بعض المزايدين الإقليميين أعلى من صوت مصر. لعل من المضحك المبكي أن تطالب إيران بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة في حين تحتل هي أرضاً عربية، لكنها سوق المزايدة التي مكّنت أطرافاً عربية إيران منها.
أعود إلى محاولة تحييد السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية بدور الوساطة مع الكيان المعتدي، هنا يمكن الالتفات إلى ما جاء من «خبث» في خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن وقف إطلاق النار وشكره للرئيس مبارك، حيث أكد فيه «دور مصر في المنطقة»، كما يراه هو لا كما تراه مصر. يمكن أيضاً معرفة سبب تقاطر الوفود الأوروبية على عجل، بتلك الكثافة على شرم الشيخ ثم تل أبيب. لمصر العربية دور أكبر وأعمق، والنفاذ إليه وتقويضه ليصبح محايداً هو هدف خبيث واضح المعالم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على الروح الجامعة

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي والله لو حصل خادم الحرمين الشريفين بس اثنين من القادة العرب نئيتهم مثل نيئته لكان وضع العرب غير لكن الله المستعان وبس.

  2. صلاح السعدى محمود كتب:

    حياك الله.أبو أحمد
    الله يجزاه خيرآ ..ملك الإنسانية ، وفقه الله وسلم خطاه يارب..
    ويجعله في ميزان حسناته ،كما ندعوللأمة بصلاح الحال والتوفيق في كل
    أمورهم لكي يعم السلام في كل بقاع الأرض ويأتي المستقبل بيلا حروب
    وبيلا قتل نفس بغير حق …
    سلمت يمناك أستاذي الغالي.
    مع خالص تمنياتي لك بالتوفيق والسعادة:

التعليقات مغلقة.