صندوق الفشل

تجميل الأسماء لا يغير من الواقع شيئاً. مثلاً، تغيير اسم «صندوق الفقر» إلى «الصندوق الخيري الوطني»، كان محاولة لإبعاد الفقر عن الأضواء، لا يعني سرعة معالجته إطلاقاً، ولذلك لا تُستغرب محاولات التخفيف منه بتخفيض العدد من وزارة الشؤون الاجتماعية في كل سانحة إعلامية.
وإذا أردت أن ترى نتائج الفـــشل عليــك بقراءة التحقيق الذي أجراه الزميل حبــيب الشمري على حلقتين مطلع هذا الأسبوع في «الاقتصادية»، بمشاركة زملائه، قام الصحافي الناجح حبيب بعملية مسح لنشاط صندوق الفقر سابقاً، الخيري الوطني لاحقاً، فكانت النتيجة صفر… بالســـالب، مع مطبات ومصاعب تعرض لها محتاجون وجمعيات خيرية «وهقها» الصندوق، التحقيق عملٌ صحافيٌ ممتاز، احتاج إلى جهد شاق وجمع معلومات من جهات أقل ما توصف به أنها غامضة، لكن النتائج، يعلم الله تعالى، لم تدهشني.
بدأ تخبط مشروع معالجة الفقر في السعودية من الاختلاف حول تعريف جامع مانع له، وتعدى إلى لون خط الفقر وشكله، فهل هو خط عامودي أم أفقي!؟ وصولاً إلى ضرورة التفريق بين الفقر المدقع والموجع والمشبع، ثم تطور إلى وضع الاستراتيجية، والأخيرة صيغة استرشاد لمنهج عمل لها حاجة حقيقية لكنها تتحول لدينا إلى غاية… وإنجاز! مثلها مثل شهادة الدكتوراه. غاية الأخيرة ليس العلم والفهم بل المنصب، لذلك لا يقدم صاحبها شيئاً يذكر، وَلَدت الاستراتيجية الأولى ابنة لها مع تغيير الاسم، كل مولود لا بد أن يُنسب لوالده، ومن نتائج فشل الصندوق شهادات جمعيات خيرية اضطرت لإلغاء مشاريع دعم لأسر محتاجة، كان يمكن نظرياً أن تحد من الفقر، الحرج وتضرر الصدقية هنا هما أقل الخسائر، ومن سجل الفشل توريط خريجين وخريجات في معاهد غير معترف بها! وغيرها الكثير. لكن في النهاية سيبقى في الذاكرة الإعلامية حفلات توقيع مذكرات التفاهم والاتفاقات، فهي كانت الغاية وتم الوصول إليها واستنفاذها.
حسناً… ما هو الحل؟
الحل يكمن أولاً في المحاسبة، إدارة الصندوق وجهات الإشراف عليه يجب أن تحاسب، إذ فشلت في تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين الذي جعل القضاء على الفقر هدفاً استراتيجياً، وفي زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأخيرة لمشروع بترو رابغ طرح سؤالاً مهماً عن عدد المكتتبين الذين استفادوا من الشركة، من روح السؤال شعرت بأمنية أن يشمل خير الاكتتاب أكبر عدد ممكن، الذين لا يعتلج في صدورهم مثل هذا الإحساس والطموح لا يمكنهم مواكبة رؤية ومنهج ملك، ويكمن الحل – ثانياً – في تصحيح الرقابة على العمل الحكومي، الأخير بحاجة إلى تقييم مستمر لا متأخر.. لتقليل الأضرار وتصحيح وجهة الدفة، وليكون التقييم أفضل لا بد أن يتم من جهة خارجية، من هنا أدعو لإنشاء جهة حكومية مستقلة، لا يربط أعضاءها عمل وظيفي آخر، يكون غرضها في التقييم، وترفع نتائج أعمالها لرئيس مجلس الوزراء.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

5 تعليقات على صندوق الفشل

  1. asad كتب:

    كبير يا سويد كبير كالعادة وفقك الله بس لا زلت خائفاً عليك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    اكرب وجهك وارخ يديك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    وفقك الله يا بطل الكلمة الصادقة المؤثرة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    سؤال على الماشي استاذي لمصلحة الزكاة والدخل لماذا لايتم الافصاح عن اسباب عدم الزام البنوك والشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبيرة والصغيرة والمتوسطة واللي نص ونص في دفع الزكاة وماهي جهودكم نحو ذلك ؟؟
    صندوق فقر صندوق ضمان صندوق وفين الصندوق لكن المفتاح في الزكاة خلي المطر ينزل الله يجيب الخير استاذي شكرا .

  3. صالح العساف كتب:

    أسعد الله أوقاتك بكل خير….

    توقيت أكثر من رائع لهذا المقال…..

    إنتهت نصف السنة وبدأت الشركات المدرجة في السوق ( ركز لي على المدرجة في السوق) بإعلان نتائجها وكم أصبح الرقم ( مليار ) تافهاً في أنظارنا فتحقيقة أصبح غاية في السهولة..
    لكن عندما نلتفت لمن غداءهم يعلن أن لا عشاء في تلك الليلة نعلم أن (المليارات) مقصورة على ( عيال العز) ….

    سؤال بسيط/ ماذا إستفاد المواطن البسيط من هذة الشركات؟؟
    ماذا قدمت هذة الشركت لهذا الوطن؟؟؟ أم هي تحت قاعدة نأخذ ولا نعطي؟؟؟
    جميعنا ستتم محاسبتنا لماذا كان لدينا فقراء؟؟؟ لايوجد عذر….

    في زمن مضى كانت الدولة الإسلامية أضعاف حجم مملكتنا اليوم… هل حقاً لم يجدوا من يدفعوا له الزكاة؟؟؟ أم هي كذبة من كذبات أبريل ….

    بترول- بنوك – شركات ضخمة – مؤسسات في كل مكان – مستشفيات أهلية – مدارس أهلية- تجار – تجارة – نقود لو نزلت عليها الشمس لما أبادتها…. ومع ذلك لدينا فقراء وضعهم يدمي القلب… شر البلية ما (يفقع القلب)…

    تقبل كل الود وفائق الإحترام وخالص تحياتي….

  4. تصدق انا واحد من الشعب اللذين فكروا انهم رح يكونوا أغنياء من هالصندوق .. فأغنانا الله عنه بالزهد فيه

  5. محمد الخميس كتب:

    صندوق الفقر فقير

    وسيظل فقيرا لأن هدفه مباشرة الفقراء وخدمتهم مثله مثل الآف الجمعيات المنتشرة ولكن رؤية خادم الحرمين ابعد من ذلك فكانت أن يكون هذا الصندوق أداة لتفعيل برامج تؤدي الى سلوك اجتماعي اسلامي يصل المحتاج ب الميسور فهذه الأموال في الصندوق يجب أن تستثمر في بناء جسور بين المانح والمستفيد مجرد وضع قاعدة بيانات واحصاءات دقيقة للمحتاجين من قبل الصندوق توصلنا الى منتصف الطريق والباقي يتحقق بالتعاون الإجتماعي البناء.

التعليقات مغلقة.