نعم هذا مما يدعو للفخر

«أشعر بالفخر ليس لإعادتي المبلغ الكبير فقط إلى صاحبه، ولكن لعدم شعوري بأية رغبة في الاحتفاظ به كونه ليس ملكاً لي، على رغم الأزمة المالية التي تمر بها أسرتي جراء الفيضانات التي عصفت بمختلف مدن وقرى الفيليبين، وعلى رغم الضائقة المالية التي يمر بها الكثير من العمالة الفيليبينية في السعودية، إلا أن أول ما شعرت به ونفذته بعد فتحي الصندوق ورؤية المبلغ الضخم، هو الاتصال بمديري الشركة التي أعمل بها وإبلاغهم بالأمر».
هذه الأسطر الجميلة العميقة هي للفيليبيني لارك مايكل وهو موظف في شركة في تبوك أرسل في مهمة صيانة فجلس بجوار صراف نقود ليجد صندوقاً مهملاً فيه 1.2 مليون ريال. بقية القصة واضحة التفاصيل في الجزء المقتطع أعلاه، ولابد أن تشكر «الحياة» والزميل محمد الجمعي الذي ترجم لنا الخبر عن صحيفة فيليبينية، الحادثة وقعت في السادس من الشهر الجاري.
أرجو من القارئ الكريم أن يدقق في سبب إحساس لارك مايكل بالفخر، قال إنه فخور لعدم شعوره بأية رغبة في الاحتفاظ بالمبلغ كونه ليس ملكاً له، على رغم المصاعب المالية التي يعاني منها في بلاده. أليس هذا من جوهر الأمانة؟ عندما قرأت الخبر ظهرت صور وقضايا وأحاديث طافت بمخيلتي، تذكرت من يبحثون عن تبريرات وذرائع إما للرشوة أو استغلال النفوذ لحيازة منفعة أو السرقة من مال عام أو خاص وربما تبرعات خيرية! ومثل هذا سلب حقوق الناس أو منعها عنهم وغش بمختلف الأشكال سواء كان تحت مظلة مؤسسة أم جهة أخرى.
ولو رأى بعض منا لارك مايكل في الشارع لما حسبوا له حساباً… في أحسن الأحوال، لأن هؤلاء يحكمون من خلال الشكل، لعلهم يسألون أنفسهم ماذا كانوا سيفعلون لو جرى مثل هذا الموقف معهم؟ هذا الامتحان الكبير الذي خاضه عامل صيانة بسيط اظهر جوهرة ثمينة، هي بالفعل مما يدعو للفخر مثلما يدعو للتقدير والاحتفاء، خصوصاً من المجتمع الذي يعمل فيه لارك مايكل فكان أميناً معه.، ولو انك بحثت في دعوات ترتفع أصواتها أحياناً في مجتمعنا تدعو شبابنا للفخر لما وجدت بينها حضاً وحثاً على الأمانة والنزاهة. لا يمكن أن تحصر الخصال الكريمة في جنس أو جنسية ولا حتى في منتمين لديانة محددة، إنك لن تستطيع اكتشاف ذلك إلا بالتعامل مع الإنسان، والفيصل الذي تستطيع الاعتماد عليه لمعرفة الخبيث من الطيب – في غالب الأحوال – هو المال.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

5 تعليقات على نعم هذا مما يدعو للفخر

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    قرأت المقالة على ثلاث اشخاص ردود فعلهم كالاتي :
    (الاول) مااشار الاستاذ عبد العزيز انه اعطوه مكافأة نتيجة امانته .
    (الثاني) تلقاه جالس يومين في السجن تحقيق كيف شفت الفلوس ومتى شفتها ؟؟
    (الثالث) الامانة هي عادة والا صفة والا تدريب .
    واترك الباقي لكم يابو احمد والله المستعان .
    شكرا استاذي

  2. سليمان الذويخ كتب:

    قبل سنوات اظنها 15 عاما كنت في حوار بسيط في احد المجالس حول ظاهرة السرقات وخاصة سرقة السيارات والعبث بها ورميها ..
    انبرى للنقاش شاب من الذين عليهم مظهر الصلاح وتحدث معي وليته لم يتحدث
    اتدري ماذا قال ؟!
    قال : يا اخي لا تلومونهم الشباب ماهوب لاقي وظايف !!!
    ياللأسف على ذاك المظهر !
    قلتها في نفسي مرارا وتكرارا ولازلت اتذكر ذلك الموقف ..
    يعني اذا لم يجد الشباب وظيفة يقوم يسرق سيارات الناس ويعبث بها ؟؟؟!!!!
    اي فهم يفهمه بعض الناس؟
    كيف واجدادنا يقطعون مشارق الأرض ومغاربها ويغيبون عن عوائلهم بالسنين ليجدوا لقمة العيش وبعضهم ليختفي عن الحرج لو جاءه ضيف ولم يجد ما يقريه به !
    اليوم نتحجج للمجرمين والسارقين !!
    يارب رحمتك فباطن الأرض اضحى ارحم من ظاهرها …

  3. صلاح السعدي محمود كتب:

    حياك الله. أبو أحمد
    طبعآ عنده حق هذا الرجل الأمين أن يقول هذا الكلام وأن يفخر به ..
    ومابالك أستاذي الحبيب في من يقتل إنسانآ دافع السرقة حتي لو 50 ريال مش مليون
    هذه الأمانة والمبدأ والأصل الذي تأسس صح..ليس بالمظاهر والتحلي بالقيم والأمانة
    كثر الله من أمثاله خاصة بلادنا لكثرة العمالة الوافدة فيها اللهم أصلح أحوالهم جميعآ
    وأحوال المسلمين يارب وكثر من الخير وعمل الخير…
    سلمت يمناك..أستاذي ودمتم لمحبينك :

  4. مهره كتب:

    مساء الخير أستاذي عبدالعزيز ….قد يكون هذا الفلبيني مسيحي …بل هو مسيحي وعنده أخلاق …ما الغرابة في ذلك ” بالنسبة لي لا يوجد غرابة …” شقيقي أشرف على علاجه طبيب مسيحي …كان مخلص في عمله جدا جدا , قدم له أخي هدية بسيطة قبل أن يخرج من المستشفى ” وللعلم المستشفى حكومي ” رفض أخذ الهدية وبرر ذلك بقوله إنه يؤدي عمله …….في نفس المستشفى الحكومي أخذت أمي إلى طبيب العيون ” للعلم هو سعودي ” …متى حضرته شرف ” بعد التاسعة صباحا “…تصدق أمي وأنا في المستشفى منذ السابعة والربع صباحا ….المهم ” دخلنا للدكتور ..بعد ملل كاد يقتلني أنا بالذات “….فوجئت بالطبيب ” يكلمنا من مناخيره ” وبصوت عالي كأنه يخانق …..تخيل إمرأة كبيرة وبنتها ….يعني قوارير !! ..يكلمنا من وراء الطاولة ….يعني ما هز طوله يكشف على أمي ..كلف مساعدته بذلك …ثم بعد تهزيئ لممرضة وافدة ” شرف وحط عينه على المكبر يشوف ….وطلعنا بلا نتيجة ولا دواء ….ورحنا إلى طبيب خاص ” لا أدري …أليس الطب أمانة , أليس وجع أمي أمانة بين يديه ..المشكلة أن أكثر من كبار السن وأكثرهم يدعون عليه ….أعرف أن سرد الموضوع ليس مناسبا لمقالك لكن أشعر بوجع منذ ذلك اليوم …ممكن جدا أن تصادف رجل فقير وأمين …ممكن جدا أن تصادف رجلا مسيحيا وعنده أخلاق…وين الغرااااااااابه ……………ربي يباركلك في أيامك كلها أستاذ عبدالعزيز

  5. ابو سلطان كتب:

    الأمانة – الإخلاص – الإحسان

    3 كلمات يجمعهن شيء واحد (الصدق) وهو العامل المفقود لدينا.

    فكم من حامل لشهادة لا يستحقها ولا قيمة الحبر المكتوب فيها ، و كم من صاحب تكليف ناله بالتزلف فإمتظي رقاب الناس بالظلم والأذى ، هؤلاء يخلفون سوى الخراب أينما حلوا ، يهدمون جهود من قبلهم ويقتلون آمال الناس بمن يستخلفون بعدهم .

    ليته أخذها ، في الغالب ، فإن وراء تركها قصة أخرى من سوء الأداء وقلة الإخلاص في أداء العمل.

التعليقات مغلقة.