النقل… العائم

لا أستغرب أن تحتفي وزارة النقل بمعارض السيارات وأطوال الطرق، فهي أوكلت النقل العام منذ زمن بعيد للقطاع الخاص، والحقيقة أن وزارة النقل ليس لها من اسمها نصيب كبير. كان من الأدق أن تُسمى وزارة الطرق أو «الأسفلتات»، على وزن المواصلات. النقل العام داخل المدن السعودية الكبرى مشكلة المشكلات المتنامية، ولا مبادرات لحلول جذرية، يستغرب المرء هل كبار المسؤولين التنفيذيين ممن بيدهم الحلول يستخدمون في تنقلاتهم طائرات هيلوكوبتر؟ وعلى رغم امتياز يتعاقب تجديده لشركة النقل الجماعي، التي تديرها بصورة أو بأخرى وزارة النقل، إلا أن الشركة المساهمة مع عمرها المديد، فشلت في تحقيق حد أدنى من النجاح للنقل العام داخل المدن. العذر المعلن هو منافسة «خط البلدة»، وهو عذر لا يقنع أحداً. أما إدارات المرور لدينا، فتحوّلت إلى إدارات «تصريف حال». الطرق في المدن مكتظة، صباح وظهيرة كل يوم تجرى فيها مباريات حامية الوطيس، سلاحها «الصملة»، الأخيرة في المرور تعني «الإقدام… المتهور»، هذا السلاح يمكّنك من الحصول على حقك في الطريق. لا تصدق أنظمة المرور «وتسوي حالك نظامياً»، ترك مسافة أمامك للسلامة لا يعني عند الغالبية سوى نقطة ضعف، أو طعم يسيل له لعاب أكثر من «شنب» مركبة. تقام المباريات المرورية كل يوم من دون حَكَم ساحة. وجود المرور مماثل تماماً لوجود رجال الخطوط في مباريات كرة القدم. تخيل مباراة من هذا النوع من دون حكم ساحة! هناك حاجة ماسة لصرف «درابيل». فشل وزارة النقل طويل الأمد في إصلاح أوضاع النقل العام، جعل كيانات عجيبة تتفشى، بدأت بالليموزين، ولم تنته بالباصات الصغيرة، وما يخرج من التشليح. أصبح هذا النشاط منجم ذهب لأنصاف السائقين ورقياً، هم يتبعون – والله العالم – مؤسسات صغيرة لها مركبات كثيرة تخصصت في النقل النسائي المدرسي، أما أحوال هؤلاء السائقين، فحدّث ولا حرج. بدأ سائق رجل آسيوي عمله، سائقاً لباص صغير لدى الكفيل، وبعدما خبر المهنة، أصبح صاحب باصات ونام الكفيل. تزوّج الهندي بإندونيسية «الحاجة إلى محرم أم الاختراع»، أصبح دخله الشهري – لن أخبركم حتى لا يحسده أحد – اذكروا الرازق الكريم. استطاع الرجل أن يدخل ابنته مدرسة خاصة قسطها 25 ألف ريال لا غير، هذا جهده ويستحقه. المشكلة أن الطمع جعله يحشر عدداً أكبر من المجبورات، والمرور يعمل من طريق حكام خط التماس. لست بحاجة إلى باص، يمكنك استخدام أي «قرنبع»، وإذا حان وقت الفحص الدوري، الورش المجاورة له تقوم باللازم. لا تتحدث وزارة النقل سوى عن أطوال الطرق المعبدة، ويكتفي المسؤولون فيها بالاحتفاء عند توقيع العقود. المقاولون همّهم الرئيسي. لا تسأل كيف يتنقلون؟ لأنني لا أعلم هل يسكنون فوق مكاتبهم؟ أم تأتيهم المعاملات للمنازل؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على النقل… العائم

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    والله انك صادق استاذي وزارة النقل وزارة رايقة ماعندهم فوضى ولامشاكل مجرد اسفلت يندهن ويطبطب
    عليه ولا فيه احلى من كذا وياليت يضموها على الهئية العامة للسكة الحديد وبرضه ماعندنا سكة حديد ماعندنا الا سكة اسفلت طيب استاذي ياليت يضموها على الطيران المدني مادام السيارات عندنا تعادل الطيارات وشكرا استاذي

  2. سعود كتب:

    امور كثيرة تمشي بالبركة _ قوانين وانظمة كثيرة تعطل لاجل تنفيع ناس اخرين اكثرهم للاسف اجانب حتى تتراكم الامور وتصبح حق لهم مما شوه الكثير من امورنا التي كان مفروض تكون علامة حضارة ورقي وتهدد امننا واستقررنا الاقتصادي وغيره ومن امثلة ذلك ما يلي :
    1- منع تطوير اجراءات الجوازات والمرور الكترونيا لكي يستفيد شوية معقبين ( غير سعوديين ) امام البوابات بشكل غير حضاري وغير منظم حتى انهم يعطلوا اجهزة الصراف ليجبرونا على التسديد من خلالهم
    2-تعطيل النقل الجماعي الذي هو مفتاح لقياس رقي وحضارة كل الامم لصالح فئة متخلفة تؤجر اتوبيسات متهالكة لاجانب في فوضى وتخلف لا مثيل له
    3- منع قيام شركات ليموزين حضارية لصالح اسيويين يمتلكون سيارات الاجرة باسماء شركات التستر المملوكة لشوية همج
    4- منع قيام شركات استقدام تؤجر العمالة نساء ورجال لصالح اصحاب مكاتب خونة مؤجرينها لاجانب مما ترتب عليه تشويه صورة البلد لدى حقوق الانسان وخسائر للمواطنين عند الاستقدام والهروب والتخلف ومشاكل امنية واخلاقية كبيرة
    هذا غيض من فيض ولو شكلت لجنة لهذه الامور لانتظمت الامور واستغنينا عن ملايين العمال ووجد ابناؤنا وظائف بدل العطالة وما تجره من اخطار على الوطن والمواطنين

  3. أبو تركي كتب:

    لله درك أبو أحمد .

    أجمل ما أجد في زاويتك ليس فقط لمس الهموم العامة والموجودة لدى كل منا ولكن معايشتك لها وكأنك موجود باستمرار في الساحة .

    أسأل الله أن يعلي همتك ويبارك لك في أهلك ووقتك وينفع بك بني قومك .

التعليقات مغلقة.