ثقافة المسؤولية

تمثّل قصة المواطن السعودي سالم الشمري «راعي ماكينة الصراف»، – أشرت لها الخميس الماضي – نموذجاً جيداً للتذكير بأن المشكلة ليست في المجتمع بقدر ما هي في أجهزة من القطاعين العام والخاص. لا يعني هذا إطلاقاً أن مجتمعنا ملائكي ولا قريب من هذا، بل فيه كثير من السلبيات، إنه مثل أي مجتمع نامٍ آخر، تقوده أجهزة حكومية تشرف على مصالحه، وعلى خدمات تقدمها شركات وجهات أخرى، وبالتالي من يقوده مسؤول عن توعيته، فعندما يطرأ مشروع أو نظام جديد، فلا بد من التهيئة له قبل فترة زمنية مناسبة، لا أن «تغوله» فجأة، ثم ترمى مسؤولية خسائر وتعثرات تلحق بالمواطن من جراء تلك المستجدات على رأسه. أيضاً عندما يطلب منه تفاعل أو واجب محدد، فلا بد أن يكون نظام هذا التفاعل واضحاً لا لبس فيه.

ولنخرج من العموميات إلى التفاصيل، عندما يطلب منا نحن المدنيين أن نكون رجال أمن، فلا بد أن نعلم ما هي حدود الواجبات والحقوق في هذه المسألة، وإذا أخذنا قضية البلاغات لأجهزة الأمن نموذجاً، فإن أمر الحقوق والواجبات فيها غير واضح، توضيح ذلك في غاية الأهمية الأمنية.

كان المواطن الذي حرس ماكينة صرف النقود يقول «هذا خير خذوه»، فقيل له من خلال تعامل الجهات، الشرطة والبنك وشركة نقل أو صيانة آلات الصرف، «وش دخل عصك في ما لا يخصك»، وأنا لا «أشره» على البنك والشركة التابعة، بقدر «شرهتي» على رجال الشرطة، تعودنا من الشركات، بنوك وغيرها، الأخذ ثم الأخذ، فلا يستغرب منهم موقف مثل ذاك، لكن رجال الأمن ينتظر منهم موقف مغاير.

إلى وقت قريب عوّدتنا بعض الصحف المحلية على نشر أخبار تبثها وكالات عالمية، تتناول في العادة قضايا جنائية أو اجتماعية حدثت في الغرب، أحياناً يتم التدخل في الصياغة، للإشارة إلى التفكك الأسري والاجتماعي، الذي تعاني منه تلك المجتمعات، وفي هذا تلميح إلى أن مجتمعنا مترابط متماسك، «كالجسد الواحد»، أخيراً اختفت التدخلات في الصياغة، وقبل أيام قرأت خبراً من هذا النوع لم يتم التدخل فيه، سألت نفسي هل يمكن أن يقع مثله في بلادنا؟ الخبر من أميركا، خمسة شبان اغتصبوا فتاة في زقاق خلفي، المثير أن اثني عشر شخصاً من المشاة مرّوا بجوار الجريمة، التي استغرقت ساعتين، من دون أن يتدخلوا أو يبلغوا الشرطة، التي أعلن متحدث باسمها عن شعوره بالصدمة.

في واقع كشفته حوادث محلية كثيرة، آخرها قصة ماكينة الصراف المشرعة الأبواب، والمواطن المتهم باللقافة، لأنه أبلغ عن طفلين مخطوفين، وظهر خطأ بلاغه، يطرح السؤال نفسه: هل يمكن أن يحدث هذا في مجتمعنا؟ السؤال للجميع، أما إجابتي عليه فستعرفونها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على ثقافة المسؤولية

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ثقافة المسؤلية استاذي لاتنمو الا اذا شعر المواطن ان هناك من يعطيه اعتبار طيب هذا المواطن .
    نأتي على اقلام الكتاب من قادة الراي في بلادنا والمشهود لهم بالوطنية والنزاهة ومن ذوي الايدي النظيفة والتي لم تتلوث بمقالات التلميع والطنطنة والتمجيد لصوير وعوير والا مافيه خير هولاء الاخوة الكرام اذا لم يجدوا تجاوبا مع ماتم التعاطي معه من خلال اقلامهم كيف الحل بالنسبة لهم وزي اللي ينفخ في قربة مخروقة .. المواطن يريد ان يشعر ان هناك من يستمع اليه الى مشكلانه الى ماقد يعترضه الى الفساد المعشعش مثل العنكبوت فوق جدران بالية .
    الله يصلح الحال شكر استاذي

  2. صلاح السعدي محمود كتب:

    حياك الله.أبو أحمد
    أستاذي أنا مثلك مذهول .قرأة الخبر في جريدة الرياض فور وقوع الحادثة نعم هي حادث بلفعل مأستغربه هو
    تصرف رجال الأمن في عدم أستلام الموقع من المواطن المدني وأخلاء سبيله مع ضمان حقوقه المشروعة
    لدى الشركة أوالبنك المسئولة عن الأهمال الخطأ مع الرغم أن الدوريات الأمنية وصلت فور ورود البلاغ أليهم
    يعني مبادرة لابأس بها.؟؟
    مش عارف لماذا هذا التصرف وبمثل هذه الطريقة .كما أبدية تخوفي من أي شىء غير متوقع يحدث فجئتآ لهذا المواطن الشريف وهو لوحده في الموقع من قبل ضعاف النفوس..والحمد الله . أن الموضوع خلص علي
    مايرام بدون مشاكل…
    الله يعطيك العافية . أستاذي .ودمتم لمحبينك :

التعليقات مغلقة.