لا أشك لحظة أن للإعلام دوراً في ما حدث لجدة… وما يمكن أن يحدث لغيرها، ولا يقلل من أثر الدور كونه دوراً غير مباشر. نعم، بعض الصحف ينشر عن الفساد الإداري واستغلال النفوذ وسوء الخدمات، لكنه يُنشر على استحياء ويعاني من صعوبات وعراقيل، في حين تحجب صحف أخرى كل إثارة عن هذه القضايا الحيوية، ولعل من العجب ان افتتاحيات الصحف في الغالب تمتدح مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله لمكافحة الفساد وحماية النزاهة لكنها لا تدعم هذا المشروع بالنشر والتقصي وتأصيل مبدأ المكافحة وعدم المجاملة، سواء لعلاقات شخصية أم نفعية إعلانية بالدرجة الأولى، والسبب رؤية خاطئة تجاه الإعلان. وخادم الحرمين الشريفين أعلن الحرب على الفساد في خطابه الشهير أمام مجلس الشورى، أي قبل كارثة جدة بزمن طويل، فهل انضم الإعلام إلى هذه الحملة وساندها كما يجب ان تكون المساندة؟ الحقيقة أن هناك تراخياً إعلامياً في هذا الجانب وصحافة المجاملات والحملات هي السائدة.
الإعلان عنصر حيوي للصحافة. لا جدال في ذلك، ويمكن الحفاظ عليه بمبدأ – سددوا وقاربوا – لكنه عندما يصبح هدفاً وحيداً يتحول إلى كميات ضخمة من «الدفان» ليسهم في التراكم التاريخي لأخطاء أو تجاوزات، فيحجب الحقيقة ويسهم في ازدياد التجاوزات. وإذا كان من السهل الآن على الصحافة ان تنتقد جهازاً حكومياً وهو ما لم يكن ممكناً بهذه السهولة في السابق، فإن الكثير منها يمتنع او يتمنع عند الحديث عن القطاع الخاص. أصبح لهذا القطاع عندما تسمى جهات فيه بأسمائها حصانة، أنتج ذلك صورة فريدة جرى فيها استخدام أجهزة حكومية للشركات الخاصة التي تعمل في مشاريعها كسلاح إعلاني.
الكل يتحدث ويكتب الآن عن التراكم التاريخي للأخطاء. في كارثة جدة نتحدث عن أخطاء الماضي، ومع هذا من الواجب ان نتوجه لنقد ذاتي لأخطاء قائمة الآن قبل أن تتضخم، أرى أن في هذا حقيقة واجب الإعلام ليقوم بدور حيوي في حملة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمكافحة الفساد.
أصبح لكل جهة حكومية محرر صحافي او أكثر داخل الصحيفة، وهو في الغالب يعمل في اتجاهين، ينشر المديح المبالغ فيه وقد يحاول منع نشر النقد. أيضاً أصبح لكل شركة كبيرة محرر أو أكثر، ومن الطريف ان بعض الشركات وجد ان تجنيد الصحافي واحتواءه «ارخص» بمراحل من الحملة الإعلانية، والصيغ متعددة، وصورة بعض الصحافيين – أياً كان منصبه – صارت مضحكة، فخسرت بعض الصحف القارئ والإعلان، والدور الأكبر هنا على رؤساء التحرير، فلا يعقل الإشادة – الإنشائية – بمشروع الملك عبدالله لمكافحة الفساد من دون دعمه الدعم الحقيقي. اعلم ان في هذا الكلام اغضاباً للبعض، لكنهم في المقابل لم يهتموا بالحصيلة المتراكمة لمثل هذه «الأنانية» الصحافية. ما الفرق بين من دفن الأودية والشعاب وخطّطها وباعها للبسطاء ومن يدفن المعلومات والأخبار والقضايا الوطنية؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
ليس دفاعا عن الاعلاميين:
لا تلوم الاعلاميين فقد عاشوا واعتادوا لعقود طويلة على سياسة وزارة الاعلام وعنوانها الكبير هو:(النفي)، واصبح الاعلاميين لا يعرفون الخط الاحمر من الخيط الاسود!!! عند تناولهم للمواضيع ، فعلى سبيل المثال كل البلد تعرف عن الفساد المستشري في شركة خطوطنا الجوية الوطنية ، ولكن حال الاعلاميين تجاه هذه الفضيحة (اذن من طين واذن من عجين)
الا تتفق معي ان الحاجة باتت ملحة لتطمين الاعلاميين من اعلى الجهات ، باعطائهم الامان ، وانه لا خوف عليهم فكل ما يتناولونه من نقد بناء مدعم بالادلة والبراهين؟؟؟؟
استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
واثباتا واقعيا لما تفضلتم استاذي الغالي هذا مثال حي لمقالة كتبت اليوم في احدى صحفنا
المحلية اقتطع جزئيات منها :
وسعيت كثيراً لأتعرف على هذا الرجل ..وأن أسبر أغوار شخصيته الفذة فكنت أجد فيه من الخصائص ما يجعلني أكثر اعجاباً به وبسوية ركضه الشامخ ..فهو يؤمن جداً بالعمل الجماعي وله في اختيار رجالاته في العمل أسلوب فريد يجعل القناعة بفكره نظير محبة الناس له فهو متواضع جداً لايزيده النجاح إلا قرباً من الآخرين واعتزازاً بمعاضدتهم والتفافهم فدائماً يد الله مع الجماعة.
وينفرد …………… بميزة الانصات فهو يستمع أكثر مما يتكلم ..ويحب لأهله وأصدقائه وأحبابه ما يحب لنفسه ..يؤمن بالعلم بداية معززة لكل عمل ..فهو يجافي الارتجال بكل ألوانه وأشكاله ..يأخذ أبداً بنتائج الدراسات الشاملة ولهذا تكون النتائج أفضل وتحقق أهدافها وغاياتها بشكل صحيح..أما على صعيد العلاقات فهو رحب الشهامة ..كبير الالتفاف والمعاضدة ..صادق ..سوي لا يستمع للوشاة ..ولا يتعاطف مع القال والقيل ..ولهذا فقد أحبه الناس ..وأخلصوا معه وله..إنه أنموذج مشرف للانسان ..أعترف بمحبتي له ولهذا أتمنى له أبداً التوفيق..والسداد والستر…….
والكاتب الاخر تقمص نفس الدور : وهذه جزئيات من مماكتب :
وفي القصص التي أعرفها والتي قد تغضبه مني لأنه لايريد الرياء والسمعة بل يحتسب أعماله خالصة لوجه الله الكريم ولا نزكيه على الله ومنها لم أشاهده طوال تعاملي مع هذا الشهم أن تناول الطعام في المؤسسة رغم الموائد العامرة والضيوف المحترمين ممن لهم حق واجب على المؤسسة تمشياً مع الكرم العربي المعروف. حتى إن وجباته الغذائية في المشاعر المقدسة خلال أيام الحج والتي لايجد فيها الفرصة لتناول الطعام في منزله لأنه على رأس العمل متابعاً وموجهاً ومتجولاً بين الخيام والطرقات فإنه يدفع قيمة هذه الوجبات من جيبه الخاص، وباستطاعته ركوب أغلى السيارات إن لم يكن بالممارسات التحتية التي يستعذبها البعض أو بالفوائد البنكية التي تلهث خلف كل صاحب حساب كما نعلم إلا أنه يركب سيارة قرنبع أكل عليها الدهر وشرب (كاديلاك موديل أبو رفزة) والتي أشك أن قطع غيار هذه السيارة موجودة في الأسواق .
ماذا ننتظر استاذي الحبيب بعد هذا . فقط اتمنى ان لانسمع اي كاتب يتحدث ويقول هئية صحفيين او اي
من هذا القبيل.
اذا لم يتم معالجة وضع هذا الاعلام وتلك الاقلام وهي الخطوة الاهم لاننتظر اي استراتيجية مقبولة يمكن
ان تحرك المياه الراكدة في محاربة الفساد وانتم استاذي الله يحفظكم خير من يعلم عن ذلك .
شكرا استاذي الكبير .
الصحفيين بنظام ( شيلني وأشيلك ) أوضاعهم ميؤس منها , ومعظم حالاتهم مستعصية وهم كبقية البشر ضعفاء لايأمنون غدر الزمان , ونكاية المسئولين بهم, وهذه القصة للعبرة والصحفي الذي وقعت له , يتذكرها . عام 1996 أدخل صحفي لقسم العناية المركزة بمستشفى أحد بالمدينة المنورة , في الساعة التاسعة مساء أمر مدير المستشفى أن يحضروا الطباخ بعد أن غادر مطبخ المستشفى , ليطبخ عشاء للصحفي , وتم تقديم الوجبة للصحفي فسمع العاملون صياح الصحفي وأدركوه فأخرج لهم صرصور حجم (وصى عليه الدكتور ) من إدام البامية , ونادوا مدير المستشفى د. على ,فحضر , وأعتذر بحرارة من الصحفي وحب رأس الصحفي ويده , وأمر بطرد الطباخ من للمستشفى , في اليوم التالي تناقل الموظفون المقربون من المدير تفكه _المدير د.علي وأصحابه المقربين د. متوكل ,د يحي _ بالصحافي قولهم ( عشافلان كان عند نا)
كان الصحفي انتقد دكتور مسالك قريب للدكتور علي , فقدر د.علي أن يقفل فمه ( سد الحنك )
هذا الصنف من المسئولين لا يأمن الناس بوائقهم , الأولى بالصحفيين ألايداهنوا أو يجاملوا
المشكلة الحقيقية الآن ليست في صغار الصحفيين، الموضوع تطور و تضخم و أصبح بزنس غير مكتوب بالملايين بين الشركات و الصحف المحلية، لا تكتب عني شيئا يسوؤني و ابشر بما يسرك من الإعلانات. و الننتيجة أنك تجد تناقضاً عجيباً عند الصحف. تقيم الدنيا و تقعدها على تجاوزات بسيطة لبلدية الليث أو مصلحة مياة عرعر و تفرد الصفحة الأخيرة و بالألوان لعمود كهرباء لا يعمل أو انبوب مياة غير محكم ، و تتجاهل الطوام الهوام من مصائب الشركات و لعل أقرب مثال على ذلك حملة مقاطعة شراء السيارات التي تجاهلتها الصحف تحت التهديد بقطع الإعلانات ثم انهيار نظام الفوترة في stc و المشاكل التي صاحبته حتى أن الصحف الأجنبية كتبت عن الموضوع و صحافتنا لا من شاف ولا من دري. و أخيراً الخطوط السعودية تعرفت على الطريق و استضافت كبار كتاب النقد في الصحف في رحلة مدفوعة التكالييف الى تولوز في فرنسا “لمتابعة تدشين الطائرات الجديدة”
الحل يكمن في نظري بإعادة الهيبة إلى الصحافة و تحريرها من أسر استعباد المادة يجب تفعيل ميثاق شرف صحفي يفصل التحرير عن الإعلان و يشهر بكل شركة تمارس الضغط و الابتزاز بهذه الطريقة، نريد بعض الاحترام لعقولنا يا ناس!!