المدير «الكبش»

مثلما لكل مدير رأي في موظفيه لكل واحد منهم رأي فيه… السلطة الإدارية فقط تسمح للأول بإعلان ما يراه في شكل قرارات أو توبيخات شفهية مدببة، والخوف يمنع المرؤوس من الفضفضة، اللهم إلا في مواقع نائية: «بيت الدرج» أو غرفة الأرشيف القاصية بعد ان يتلفت يميناً وشمالاً. هذا أمر طبيعي، كل طرف يدعي انه على حق… وهذه مسألة أخرى… هنا أحاول تفحص أساليب التعامل المتفشية في بيئتنا الإدارية، وأركز على الفاقع منها، لوناً ومرارة، أراها انعكاساً لحالات تكوين نفسي، تبرز في المدير أكثر، لأنه نجم الدائرة الساطع وصاحب اليد العليا. انه القناة الفضائية الوحيدة المسموح لها بالبث… شعارها «كلكم آذان وأنا اللسان».
من المقولات الشهيرة التي يرددها بعض الموظفين عن مدير ضعيف او رئيس لم يقتنعوا بشخصيته الإدارية قول شعبي… فهو «لا يوكل على شاتين»، اي لا يستطيع إدارة رأسين من الضأن، والشاة أسهل انقياداً من الخروف… فكيف بالكباش، في إشارة إلى ضعفه وتركه «الدرعا ترعا»، لتنشأ مراكز قوى في الإدارة وتضيع الطاسة، فيصبح للإدارة أكثر من مدير مستتر. وفي الضد هناك المدير الكبش، يعتقد هذا الصنف من المديرين انه لا بد من مناطحة الموظفين. يحضر كل صباح وقد جهز قرنيه بعد تفحصهما أمام المرآة. الناس ينظفون أسنانهم… يسرحون شعورهم وهو يسن قرنيه. قدرته انحصرت في البث مع قطع خطوط الاستقبال، في تقديره ان من حوله مقصرون… بل التقصير ساكن في جيناتهم، لذا لا بد من الدأب على نطحهم ثم نطحهم. بالنسبة إليه… هم قطيع لا يوجه إلا بسوط… شفهي أو تحريري.
من التعليقات التي وصلتني ما ذكر أحد القراء انه نذر أداء العمرة وذبح خروف اذا تمكن من الانعتاق من صاحب العمل، ثم تنازل عن حقوقه تطلعاً للحرية. لست أدري ما ذنب الخرفان! دائماً نضع «الحرة» فيها، ربما بسبب المدير «الكبش»، المستقيل العزيز لم يذكر تفاصيل المعاناة… أقصد أساليب التضييق، نحن في حاجة إلى رصد ألوان السلوك الإداري، أجزم أن مشكلتنا الأساسية في التنمية ومحاولة التقدم تكمن في «حسن» الإدارة. تتلون هنا وهناك وتعود للإدارة… انها مربط الفرس وحتى الخروف، بخاصة مع بحث محموم عن المنصب وشكل المكتب ومساحته، لذا لا بد من فهم السلوك وأسبابه… جواباً لسؤال يقول… لماذا يتعامل ذاك الشخص مع محيطه بتلك الصيغة؟
ويتحفني بعض القراء بتجاربه مع رؤسائه مع عنوان «لا تعلم أحد»، «يمكن يقرأ المقال ويعرف انه المقصود»، أيضاً هناك تجارب المديرين مع الموظفين وفيها ما فيها. ربما يأتي وقت مناسب لتشريحها. وأختم بقارئ آخر بعد قراءته مقال «رئيس يذبح القلب» ذكر انه شاهد صورة مديره السابق يمشي بين السطور… ومن فرط المفاجأة كاد يصافحه!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على المدير «الكبش»

  1. سليمان الذويخ كتب:

    كنا ندرس في علم الادارة ( ادارة الأعمال ) ومرت علينا تعريفات الادارة وتوقفنا عندها كثيرا
    هل الادارة علم ؟ أم فن ؟ والجدل كثير
    واليوم اقول انها فن تطبيق العلم
    ولكن عندنا هنا اكتفي بالهمس : ( ادارة الناس هم و وجع راس )

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    وكله كوم والمدير او الرئيس استاذي اللي يوعز لمن حوله من المطبلين والمزمرين انه يبعثوا له خطابات
    تشكر جهوده وهو يبعث الرد انه سيتم الاخذ في الاعتبار عند تقييمهم بالنسبة لاداءاهم .
    والنموذج في الطريق اليكم ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم .
    شكرا ابو احمد جزاك الله خير .

  3. whyama كتب:

    عزيزي سأخبرك بأمر هام وشيق وممتع:
    مديري في قطاع خاص يذيقنا المر وهو لا يعلم، لماذا لا يعلم؟ لأنه لا يصلح للإدارة!!! لأنه خارج من رحم الجهل إلى عالم الغباء.
    أنا مسؤول عن كل كلمة أقولها.
    ولذلك، صغت كلمات توصف شخصيته وجعلتها كلغز، وأرسلها لمن حولي كي يجيبوا على هذا اللغز،،، والكل عجز عن الحل، وبعدما أصروا قلت لهم، حل اللغز هو: مديرنا فلان، فالكل وضع يده على رأسه لأن الكلمات تعكس الواقع، وإليك الكلمات أو بالأحرى اللغز:
    أفكاره وليدة اللحظه، ردة فعله هوجاء ودون تفكير، يصدق الأكاذيب، ينفر من العقلانية، مشوش الأفكار، أدواته العصا والسوط، لا يرحم، لا يؤمن بالتخطيط، ليس له صديق، لا يقدر، حديث النعمة، مصائبه دون مقدمات، بحاجة إلى تغيير وتطوير وفلترة وسمكرة وترتيب وتهذيب وتأديب ولياقة في الخطابة والرقابة.
    نظرته للدنيا المادة ولا يعرف طريق الجادة، مزاجه عكر وحديثه وعر، وهو للهمم مخرب وللإحباط مقرب، نظرته للإنسان هي إما قرد أو غول وتخاف منه المرأة الحامل ويرتجف من زمجرته الطفل والعامل، دعابته سفاهه وهواياته تفاهه وضحكه سخافه. مطلوب لدى حقوق الإنسان وحقوق الحيوان والجان يشتكي منه القاصي والدان أوقاته مخربطه، وإجتماعاته ملخبطه، يهجم عليك كالفريسة ويفتتك كالهريسة، صمته بعثره وصحبته مقبره، يوعدك باللؤلؤ والمرجان ليأخذ صحتك بالمجان. فمن هو؟

  4. سليمان الذويخ كتب:

    استدراك وطلب
    في مطلع الـ1400 هـ اظنها 1401 او 1402 كتب الاستاذ احمد السعد مقالا بعنوان : الوظيفة قدر
    فعلا وصف فيه معاناتنا مع الادارة وصفا بليغا
    فقدت تلك القصاصة
    ان وجدتها لدى الاستاذ فلعلك تضعها لنا !

التعليقات مغلقة.