الشماغ المسكوب

كان البائع نصف جالس أمام أكوام البطيخ في سوق الخضار، توقف أحد المتسوقين وأشار بإصبعه إلى بطيخة وسأله بكم هذه ؟، رد البائع قائلا: ارفعءها حتى أراها!؟.
هذا البائع من جنسية عربية تعرفونها ويحلو لبعض منا نحت الطرف عن الكسل الذي يوصفون به، وأتساءل هل نبتعد عنهم كثيراً، لم يوظف هذا الكسول إلا من هو أكثر كسلاً منه.
إلا أن هذا ليس لب القضية التي أريد مناقشتها، وهي قضية أراها هامة مع حاجة كثير من الشباب للعمل، وعدم إدراك بعضهم لواجبات الوظيفة، وأرى أن النسبة الغالبة من العاملين في وظائف استقبال الجمهور “من الجنسين” لا يجيدون عملهم، وإذا كنا “بلعنا” ذلك وتعودنا عليه في الدوائر الحكومية فأصبح كل واحد منا لابد وأن يكون له شخص هناك في ذلك المكان الذي يحتاج خدمة فيه، وإلا سيضطر إلى سؤال من حوله “تعرف أحد”، أو “تعرف أحد يعرف أحد”!، وإلا سيدخل إلى المكان ضيفا غريبا غير مرغوب فيه، “يدف من هذا إلى ذاك دفا”.
إذا كنا توافقنا غصبا عنا مع ذلك وساهم في توافقنا مع هذا الوضع المائل.. القبلية والمناطقية فكرس كل منهما الأخر، ثم صارت المنفعة المتبادلة، “شد لي واقءطع لك”، فإذا كنت لا تعرف الشد ولا القطع فلن تحصل على حق لك، هذه المقايضة الصارخة هي القبيلة الجديدة، التي يتزايد عدد أفرادها كل يوم.
في القطاع العام الأمر معروف ومشهور، لكن سوق العمل في القطاع الخاص لا يحتمل مثل هذا المستوى المتدني للأداء، خصوصا من موظفي الاستقبال، وتجد نماذج من هؤلاء في كثير من شركات القطاع الخاص، يهتمون بمظهرهم الشخصي أكثر من اهتمامهم بالتعامل مع المريض أو الزبون، وليس لهم علاقة بالاحتراف، رغم أن هذه الشركات تقدم خدماتها بمقابل، سواء كانت صحية أو تعليمية أو خدماتية أو غيرها، والمقابل ليس قليلا ولا مدعوما إلا من جيب طالب الخدمة.
وأجد في نماذج بعض موظفي وموظفات الاستقبال أفضل مثال للخلل الذي أود وضع الإصبع عليه، في البنوك مثلا الأمر واضح، قدرك على قدر رصيدك إذا انخفض الرصيد تسقط أيها العميل بنفس النسبة من عين الموظف والبنك وتبدأ ألوان البطاقات الائتمانية بالتغير مثل أفعى تغير جلدها، وهذا مفهوم وتوافقنا معه مع الرعاية الخاصة التي تحظى بها البنوك فهي “ترعانا” مثل الكلأ!، لكن في الشركات الأخرى خصوصا الصحية والتعليمية وخلافها الأمر لايحتمل لأن طالب الخدمة، العميل، المريض، المشترك سمه ماشئت سوف يقارن الخدمة هنا وهناك إذا كان هناك منافس، لذلك لابد من تأهيل الشباب والشابات من المواطنين لوظائف استقبال الجمهور التأهيل المناسب فهم ليسوا واجهة للمنشأة فقط بل واجهة للسعودة وإحلال العمالة وهنا تكمن الخطورة إذا كانت هذه الواجهة مهترئة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.