جون السنافي

الإعلان سلاح ذو حدين، فإذا لم يتم استخدامه باحتراف ودراية يصبح وبالاً على السلعة المراد ترويجها وتراجع مستوى الثقة في منتجها، وإذا تم التركيز على الإبهار ولفت النظر دون الاهتمام المناسب بالآثار الجانبية المحتملة صار وقعه مدمراً للثقة في السلعة والشركة المصنعة، وأستغرب أن يشيد البعض أفراداً وجماعات شركات ومصانع يصرفون عليها أموالاً باهظة وجهوداً كبيرة مضنية، ثم يسلمون الإعلان عن منتجاتهم لفكرة تأتي من شركة إعلان قد لا يكون لها علاقة ولا دراية بالمجتمع المستهدف.
ومنذ أن شاع البث الفضائي هرولت كثير من الشركات المحلية للإعلان عن منتجاتها وتبنت أفكاراً وافدة واستخدمت شركات إعلانية لمجرد أسمائها العالمية أو قدرة العاملين فيها على إقناع المعلن، وللإقناع ألف أسلوب وأسلوب، وستة وستين طريقة لا تغيب عن ألبابكم.
ولدي أكثر من نموذج لإعلانات عن شركات محلية أعتقد أنها ارتكبت أخطاء جسيمة في حق المنتجات التي تعلن عنها، وفي حق الجمهور المستهدف، وكل هذا يمكن إدراجه أنه تعدّ على الذوق العام، وبدلاً من أن تحقق هذه الإعلانات الثقة والرواج للسلعة لدى جمهور المستهلكين انعكس الأمر فصارت مادة للسخرية والهزء، وعدم القناعة بالمنتج الذي سمح من أنتجه بصدور مثل هذا الإعلان.
النموذج الأول شاهدناه أول مرة في بداية شهر رمضان الماضي، حيث قام مجموعة من الأجانب “إنجليز فيما يبدو” بتقمص دور أسرة عربية بدوية في الصحراء، فلبسوا مثل لباسنا وأشمغتنا ولكن على الطريقة الهوليودية السمجة، التي تبين أن مرتدي الشماغ أو غطاء الرأس ليس له علاقة به لا من قريب ولا من بعيد، ويدور الإعلان حول خطبة وزواج بأسلوب أقرب للتهريج والسخرية، والإعلان كله عن شماغ يريد أن يقول أنه ينتج محلياً وليس في إنجلترا، وينطبق عليه المثل الشهير “وين أذنك يا حبشي”، وقد حقق مثل هذا الإعلان أكبر ضربة للسلعة عند كل من شاهده، المشاهدون اتخذوا موقفاً، والسبب واضح، فقد سلم الإعلان لمن لا يفهم ولا يفقه فيه ولا في المجتمع الذي سوف يستقبله، وهكذا أصبح اسمه لدى المشاهدين “شماغجون”!.
النموذج الثاني لدواء اسمه “سنافي” تنتجه شركة محلية معروفة، وهو لمن لم يسمع به مماثل للفياغرا ويقدم على أنه علاج للضعف الجنسي.
صعقنا إعلان عنه استخدم فيه “قشة” أو مصاصة، تلك التي تضعها في كأس العصير لتمج منه، ولا أستطيع وصف الإعلان فهو يصف نفسه وأقل ما يقال عنه أنه يخدش الحياء العام للرجل والمرأة والأطفال والأسرة، والعجيب أن المسؤولين في هذه الشركة الذين استطاعوا “المحافظة” على مواقعهم فيها لم يتمكنوا من المحافظة على الذوق العام.
وفي كلا الحالتين لا أعرف من هي الشركات الإعلانية التي قدمت هذه الأفكار، لكنها ليست أفكاراً إعلانية على الإطلاق، فلا يكفي الإبهار أو لفت النظر، المسألة في فكرة الإعلان أصعب من ذلك بكثير.
لكن المثل “الجديد” يقول.. (رزق “الخبراء” على.. النفطيين)!.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.