وهم … «التأمين هو الحل»

كـان قـطـاع الـتأمين في السـعودية في فـوضـى، شركات مـتنـاثـرة تـعـمل وفـق رغـباتها. اسـتمر الوضع فـتـرة طـويـلة إلى أن جاء التنظيم، مقدماً فسحة زمنية للشركات العاملة في السوق لتوفيق أوضاعها، بعض أصلح أوضاعه وبعض خرج من السوق، وكان الضرر الأكبر على المؤمنين في قضايا ما زالت عالقة. ثم جاءت صرعة الإثراء بطرح شركات التأمين في اكتتابات، بكل ملابساتها المعروفة، أيضاً لا يمكن التغاضي عن تجربة التأمين لدى المرور في الرخصة والسيارة وما صاحبها من استغلال شركات للجمهور.
تشبعت هذه التجارب بسلبيات أكثر من إيجابيات في الغالب الأعم، وضغطت العملة الرديئة في سوق التأمين على العملة الجيدة فاشتكى أهل التأمين أنفسهم – وما زالوا – من منافسات غير عادلة، شركات تقدم أوراقاً للمستفيد برسوم منخفضة بسبب حاجة التعامل مع جهات رسمية، عمالة وغيرها، وعدم رقابة داخلية فاعلة من الجهة الرسمية على عمل شركات تأمين مساهمة في التوظيف والإجراءات ما أنتج تجاوزات واستغلال إدارات لأصول الشركات نفسها.
هذا في قطاع التأمين بشكل عام، أما في التأمين الصحي فإن الأمر أكثر تعقيداً، انه يماثل تعقيد القطاع الصحي نفسه، و»وهم» أن التأمين هو الحل لتحسين الخدمات الصحية وتوفيرها يتجاوز وزارة الصحة، إذ لدى وزارة التربية والتعليم الهاجس أو الوهم نفسه، مع عدم توافر مستشفيات خاصة بها، فالنظرة الاولية تقول إن التأمين من اسمه ميزة، وقد يصح هذا لدى فئات دون أخرى من شرائح المستفيدين، وهم في الغالب الفئات الأعلى، إلا أن الشركات تحرص كل الحرص على ضغط التكاليف، وتتلون الأساليب من شروط العقد إلى تفسيره وإجراءات تطول.
أعود الى التأمين الصحي في مؤتمره، وأنبه إلى الأعباء المالية على الدولة مستقبلاً من الأخذ بخيار التأمين الصحي الحكومي الالزامي، فإذا كانت السيولة متوافرة الآن فما الذي يدفع لتوقع استمرار توافرها، ولا أنسى الإشارة إلى إلزام المسافرين بالتأمين بما فيه من ظلم عليهم، من ناحية عدم الاستفادة سوى في حالات طارئة نادرة، فكم نسبة المستفيدين من المسافرين من رسوم دفعوها، وكم حجم هذه الرسوم سنوياً؟ والإلزام الذي يدفع له البعض غرضه معروف وهو بالتأكيد لن يحسن الخدمة الصحية ولن يوفرها بصورة مناسبة تتطلع إليها الوزارة ، فهل بقي شك أن مشاكلنا تتركز في الإدارة لا المال ولدينا وفق الأرقام الرسمية أكثر من ستة آلاف مشروع حكومي متعثر!؟
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على وهم … «التأمين هو الحل»

  1. جلال كتب:

    السؤال المطروح هل نحن في المملكة باستثناء مدينة الرياض بشكل جزئي مستعدة لتطبيق نظام التأمين الصحي بمعنى ادق هل نمتلك المستشفيات والاستثمارت الصحية في ارجاء المملكة ولها القدرة على استيعاب عشرة بالمائة من سكان المملكة ؟
    اتصور ان هناك صعوبة بالغة في تطبيق هذا النظام وتكمن في :
    عدد الغرفة المتوفرة في المستشفيات والطاقة التشغيلية وكفائة التغطية الصحية

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    فإذا كانت السيولة متوافرة الآن فما الذي يدفع لتوقع استمرار توافرها..
    ياسلام يابو احمد .. هذا الكلام اللي وصى عليه الدكتور
    اليوم ببلاش .. لايجي وقت نشتريها بالفلوس الدسمة
    والله كلام يملي الدماغ .. لكن دماغ البعض .. البعض ماهو الكل
    معطينه اجازة ام استثنائية .. او اجبارية .. او مغيب بكيفه
    والمغيب بكيفه هذا .. هو اللي راح يودينا في دهية والله يستر بس
    سلمت الانامل ياسيدي .

  3. ابو نايف كتب:

    أسألكم بالله وش فايدة التامين الصحي وانت تراجع المستشفيات تحس بذل ومهانة وعشان يصرف لك علاج تنتظر موافقة من الشركة .
    اذا ياستاذي العزيز تتسائل عن أن المشكلة إدارية ….. في قرارة نفسي اعرف انك تعرف انها ادارية … وابسط دليل القطاع الحكومي بطئ في خدماته مع شوفة نفس وتكبر من قبل الموظفين كأن الخدمات تستقطع من جيوبهم …. والطرف الثاني من المعادلة القطاع الخاص يفكر كيف يشفط جيبك ابتداء من شركات الاتصالات وانتهاء بحبل المشنقة (القروض).

    أستاذي : راح اقوم بتركيب مكرفون وأقرأ مقالتك بصوت مرتفع يمكن يفهمون عليك ……واعترف لك بادماني على مقالاتك.
    وتوصلني كل يوم بالجوال … بس للأسف الموبايل مافيه خدمة الرد على المقال .وشكرا

  4. يصطنع صانعوا القرارات مثل هذه الفوضى التي تصيب الحكومات بمقتل ضنا منهم انه ذكاء وحنكه سياسيه بحكم احكامه للقبضه على الكراسي وانهم على كل شي قدير فتكثر الاحكام القراقوشيه بكثرة ( كل من ايده إلوه ) كل شله بوزاره وكل شله بمنطقه وإداره فتتراكم المنغصات على الشعوب حتى تصل لدرجه لاتحتمل تشفط الاخضر واليابس من افواه البشر فيعيش الناس بحرمان رغم انهم يرون الثروات تنهب فيبعث الله شراره بوعزيزيه حينها اين الحنكه والذكاء واين القوات الامنيه!
    تحياتي لك استاذ ابو احمد دائما مقالاتك في الصميم

التعليقات مغلقة.