«احتفال لا استهبال»

تحوّلت السيارة في بلادنا من وسيلة تنقل إلى أداة لكل شيء تقريباً، أشدها ضراوة أنها حصن حصين للتعبير عن المشاعر من الغضب إلى الفرح، ولأننا لم نصنعها ولا نعرف منها إلا دفع قيمتها و«مسك طارتها» مع تفاخر فيها، حاول بعض منا تنويع استخدامها، لست أدري ما علاقة السيارة بالتعبير عن البهجة أو الفرح سوى خلل في الفهم لكليهما، فلو كان فرسان توحيد المملكة العربية السعودية قاموا بعملهم العظيم على سيارات من مختلف الأنواع لفهمت واقتنعت. والملاحظ أن ما حدث مساء يوم الجمعة (اليوم الوطني) صورة مكبرة لما يحصل عادة في مثل هذا اليوم، والصورة مكبرة لأن الجيشان والفوضى كانت أكثر من المعتاد، تحول ما أعلن عن انه احتفال إلى استهبال من بعض السائقين ومن معهم بسياراتهم في الطرقات. وكأن هناك قبولاً لمثل هذه التصرفات بدليل عدم إيقافها والحزم في مواجهتها.
وفيما ننتظر إحصائيات من الجهات المعنية عن عدد الحوادث والوفيات وحالات الدهس والمشاجرات، فما لمسته من تورط في مشوار تلك الليلة ينبئ بالكثير. هنا أسرد ما لدي على شكل نقاط حتى أكون مباشراً أكثر.. لعل وعسى.
– حقوق الطريق تمت مصادرتها في بعض الطرق من مجموعات «المستهبلين» بإيقاف سياراتهم ومنع الحركة فيه لآخرين… وكأنهم يجبرون الآخرين على مشاهدة حركاتهم إجباراً يذكر بقنوات التلفزيون قبل ظهور الفضائيات. وهذا شكل من أشكال قطع الطريق.
– إن هذه الفوضى بدعوى الاحتفال والتعبير عن الفرح! تؤسس لمزيد من الفوضى وعدم احترام حقوق الآخرين في الطرقات والتعدي على خصوصياتهم بل وتقلل من هيبة الأجهزة الأمنية والأنظمة المرعية.
– ما الذي يمنع مثل هذه التجمعات بصورتها وسلوكها الذي لمسه الناس من تغيير الاتجاه إلى سلوك آخر مثل الشغب والتخريب، بل أتجاوز إلى القول ان عدم الاهتمام بما حصل «يوم واحد في السنة!» هو لا يختلف عن تقديم دورات مجانية قد تستخدم لاحقاً في اتجاهات لا تحمد عقباها ولا يمكن السيطرة عليها.
– ان صدور قوانين رادعة تجاه قطع الطريق أو تعطيله او التعدي على آخرين وتطبيقها بحزم بات أمراً ضرورياً، واستخدام الكاميرات المنتشرة لرصدها أمر متوافر، فلا بد أن يعلم الجميع الفرق الكبير بين إبداء مشاعر ايجابية «كما تصور» ومضايقة الآخرين، بل إن استخدام السيارات لهذا الغرض هو أمر خاطئ بحد ذاته.
– في الظاهر يبدو المشهد تعبير فئات من الجمهور عن فرحتهم، بعفوية كما يقولون! في الجانب الآخر، هناك فئات أخرى من المجتمع لا تقل أهمية يرتبط لديها يوم الوطن وفئات من أناسه بأثر ورابط سلبي عميق.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

5 تعليقات على «احتفال لا استهبال»

  1. عبدالله كتب:

    مقال جميل كا عادتك ،، احيان يصل فيني التفكير ان المشكله لدينا ليست في سن الانظمه ولكن فيه تطبيقها ،،

    فا اجد لدينا انظمه صارمه ولكن تجد عبيد يطبق بعضها على زيد ،، وعلى حسب مزاجية عبيد تلك الليله وعلى حسب

    صلة قرابة عبيد بزيد .. وافكر احياناً إن تخصيص المرور وتحويله الى شركه قد يكون حل ،، فا إيماني بعبيد رجل المرور

    الحكومي ضعيف وقد يزيد اماني فيه لو كان عبيد رجل المرور الذي يعمل لشركه ما ..

  2. BaderCity كتب:

    لم يعد سرّا ماحصل في اليوم الوطني وتكرر هذه السنة، فإلى متى الصمت عن هذه الفوضى التي أساءت لهذه المناسبة قبل ان تحسن اليها؟ أخشى ان نردد في السنة القادمة : موطني قد عشت فخر المفسدين!! فوالله ان ما شوهد لهو احتفال العابثين . فمن يتحمل المسؤولية؟ أم ان النخبة ستلقي باللائمة كالعادة على المجتمع؟ وهل اصبح اليوم الوطني مرتعاً للفوضى؟ افيقوا ياقوم .. حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله.

  3. نادية كتب:

    السلام عليكم
    يجب ان نعترف بان لدينا مجموعة مشاكل مرتبطة ببعضها
    مشكلة تربوية,مشكلةتعليمية,,مشكلة تنظيمية,,ومشكلة تطبيقية
    واحدة على المنزل وهى مربط الفرس والاخريات سببها صانعوا القرار
    اريد ان اعرف هل الخطط التى تطبق على المجتمع من التغليم والتنظيم خطط قد استعملت فى مجتمعات ريادية؟
    ام اننا نخترع ونشرع وكما هو حاصل نتائج معظمها غير عملى مردودة سلبى
    اللهم اعنا

  4. أبو بسام كتب:

    مكة أعظم بلدٍ فُتح، وفتحه أفضل البشر، وفي أفضل الأشهر رمضان، وفي أفضل الأيام العشر الأواخر، اجتمعت أسباب التعظيم وما اتخذه الفاتح يوما وطنيا.

    والأعياد الوطنية لا تؤمّن من الفتن ولا تربط شعبا بحكومة، في مصر عشرة أعياد وطنية وفي تونس سبعة وفي ليبيا خمسة، أكثرها عيدا أسرعها سقوطا

  5. ابو محمد كتب:

    ما قصرت كتبت اللي نبغى نقوله

    عز الله انك صادق من زمان وانا اقول دورات مجانية وتمرين

التعليقات مغلقة.