الأمن وعاتق المواطن

آفة  الأخبار رواتها، والصحافيون على رأس القائمة وفيهم من كل الأصناف، وقرأت توضيح مدير الأمن العام في جريدة “الجزيرة” عما نشر في الصحيفة نفسها على لسانه وعلقت عليه يوم السبت، وهناك بون شاسع بين التصريح الأول والتوضيح الأخير يستدعي مهنياً وجوب الاعتذار من الجريدة للقراء وللفريق، لكنها نشرت التوضيح ولم تعلق على تحريف التصريح أو تعتذر عنه، فهل يعني هذا أن لديها شيئاً ما تخفيه!؟ وما هو؟
ولنترك هذا الأمر جانباً لأمر أهم، وما دام أن مدير الأمن العام في توضيحه اهتم “بتصحيح الانطباع الذي قد يتولد بأننا نضع كل اللوم والمسؤولية على عاتق المواطن”، من هذا المنطلق أطرح بعض الأسئلة على سعادة الفريق وهو المسؤول التنفيذي الأول عن الأمن العام في بلادنا.
لماذا يشعر المواطن بعدم جدية رجال الشرط في التعامل مع بلاغاته عن سرقة السيارات أو محتوياتها؟ ولماذا يجابه غالباً من الشرط بأن هناك حوادث أهم من قتل أو اختطاف أو سرقات منازل؟ عملاً بمبدأ “من شاف مصيبة غيره هانت عليه مصيبته”.
ما الأسباب التي خدشت هيبة رجال الأمن في الشوارع، والكل يرى سيارات الدوريات الأمنية والمرورية وغير بعيد منها مجموعات المفحطين والمخالفين تسرح وتمرح؟
أين رجال الأمن والحملات الأمنية عن البطحاء وغيرها من البؤر التي تتركز فيها المخالفات والسرقات  قبل التحقيقات الصحافية التي نشرتها الصحف السعودية؟
ما فائدة هذه الحملات والقبض على المخالفين وترحيلهم، ونحن نعلم أنهم يعودون بسرعة البرق بعد أن تمتعوا برحلات مجانية إلى ذويهم؟ ولماذا لا نطبق نظام البصمات؟ وهل كلفة تطبيق هذا النظام أعلى من كلفة سرقات المخالفين ثم ملاحقتهم وإعاشتهم وترحيلهم؟
وقلت في مقالي يوم السبت إن الأمن يقع في خانة “غير المرضي”، والناس يستمرون في فقدان الشعور بالأمن وهذا أمر خطير، وكان المواطن يتوقع أن تؤدي الحملات الأمنية على الإرهابيين وتمكن رجال الأمن من الإمساك بزمام المبادرة واستباق العمليات الإرهابية… كانوا يتوقعون أن ينعكس هذا على الأمن العام… والجنائي منه خصوصاً، لكن ما وقع هو العكس تماماً؟ وهو ما يطرح سؤالاً آخر يصب في صلب وظيفة الأمن العام، وهو: لماذا تراجع الأمن الوقائي في منع الجريمة قبل وقوعها؟
ويقول سعادة الفريق في توضيحه إنه لا يريد ترك انطباع يلقي كل اللوم على عاتق المواطن، والحقيقة أن المواطن إذا أبلغ عن تعرضه لحادث ما تتم مطالبته بالبحث والتحري أو الانتظار إلى حين الاتصال به… والمعنى أن المسؤولية تقع على كاهله، وكأن المخافر أصبحت أجهزة إحصائية فقط.
لعل مدير الأمن العام يجد الوقت للإجابة على هذه الأسئلة وأضمن له عدم تحريف الإجابات أو التدخل في مضامينها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.